الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  وقد بينا في هذا الباب اختلاف أهل العلم في النفقة على المطلقات المبتوتات غير الحوامل ، واتفاقهم على النفقة على المطلقات المبتوتات الحوامل .

                  واحتجنا إلى أن نذكر بعقب ذلك أحكام المتوفى عنهن أزواجهن من الحوامل ، هل لهن نفقة في أموال أزواجهن المتوفين عنهن أم لا ؟ فنظرنا في ذلك ، فوجدنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من تابعيهم ومن بعد تابعيهم ممن يضاف إليه الفتيا ، [ ص: 363 ] مختلفين في ذلك فطائفة تقول : لهن النفقة في أموال أزواجهن المتوفين عنهن إلى أن يضعن أحمالهن وممن قال ذلك من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن مسعود ، وابن عمر .

                  1882 - كما حدثنا يوسف بن يزيد ، قال حدثنا سعيد بن منصور ، قال حدثنا هشيم ، قال أخبرنا ابن أبي ليلى ، وأشعث ، عن الشعبي ، عن ابن مسعود ، أنه كان يقول : لها النفقة من جميع المال حتى تضع ما في بطنها .

                  1883 - حدثنا يوسف ، قال حدثنا سعيد ، قال حدثنا هشيم ، عن سفيان بن حسين ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، في المتوفى عنها زوجها وهي حامل : لها النفقة من جميع المال .

                  وممن قال بذلك من تابعهم شريح ، وأبو العالية ، وخلاس بن عمرو ، والشعبي ، والنخعي .

                  1884 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج ، قال حدثنا حماد بن سلمة ، قال أخبرنا قتادة ، عن أبي العالية وشريح ، وخلاس ، أنهم قالوا في هذا : نفقتها من جميع المال .

                  1885 - حدثنا يوسف ، قال حدثنا سعيد ، قال حدثنا هشيم ، عن أشعث ، عن الشعبي ، عن شريح ، أنه كان يقول : لها النفقة من جميع المال حتى تضع ما في بطنها .

                  1886 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج ، قال حدثنا حماد ، عن [ ص: 364 ] حماد ، عن إبراهيم ، قال : نفقتها من جميع المال .

                  وطائفة تقول : لا نفقة لهن في أموال أزواجهن المتوفين عنهن وممن قال ذلك منهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عباس ، وابن الزبير ، وجابر .

                  1887 - حدثنا ابن أبي داود ، قال حدثنا المقدمي ، قال حدثنا حماد بن زيد ، عن كثير بن شنطير ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، في الرجل يموت عن امرأته حاملا ، قال : نفقتها من نصيبها ، .

                  1888 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج ، قال حدثنا حماد ، عن عمرو بن دينار ، عن عباد بن أبي ذكوان ، عن ابن عباس ، مثله هكذا قال ابن أبي ذكوان .

                  1889 - حدثنا سليمان ، قال حدثنا عبد الرحمن بن زياد ، قال حدثنا شعبة ، عن عمرو بن دينار ، أنه كان يقول في الحامل إذا مات عنها زوجها فأنفقت : كان ابن عباس ، يقول : لها النفقة من نصيبها وقضى به ابن الزبير .

                  1890 - حدثنا روح بن الفرج ، قال حدثنا عمرو بن خالد ، قال حدثنا عيسى بن يونس ، عن أبي حنيفة ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ابن عباس ، قال : إذا مات عن المرأة زوجها وهي حبلى أو غير حبلى فنفقتها من نصيبها .

                  1891 - حدثنا ابن أبي مريم ، قال حدثنا يحيى بن سليمان الجعفي ، قال حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء ، عن ابن عباس ( وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن ) ، قال : ليس للمتوفى عنها زوجها نفقة ، إنما النفقة [ ص: 365 ] للمطلقة من زوجها ما دامت في العدة .

                  1892 - حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال حدثنا شعيب بن الليث ، قال حدثنا الليث ، عن أيوب بن موسى ، عن ابن الزبير ، عن جابر ، أنه قال : ليس للمتوفى عنها نفقة ، حسبها الميراث .

                  1893 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج ، قال حدثنا حماد ، عن أبي الزبير ، عن جابر في الرجل يموت عن امرأته حاملا ، قال : نفقتها من نصيبها .

                  وممن قال بذلك من تابعهم ابن المسيب ، والحسن ، وعطاء بن أبي رباح .

                  1894 - حدثنا محمد ، قال حدثنا حجاج ، قال حدثنا حماد ، عن داود ، قال قال ابن المسيب في هذا : إذا مات الرجل وقع الميراث مواقعه .

                  1895 - حدثنا محمد ، قال حدثنا حجاج ، قال حدثنا حماد ، عن قتادة ، عن الحسن ، وعطاء ، قالا : نفقتها من نصيبها .

                  ولما اختلفوا في ذلك نظرنا فيه ، فوجدنا المطلقة المبتوتة الحامل التي تجب لها النفقة ، الإنفاق على زوجها المطلق إلى انقضاء عدتها بلا اختلاف بين أهل العلم في ذلك ، قد بينا فيما تقدم في هذا الباب أن النفقة إنما وجبت لها لنفسها ، لا لمن هي حامل به من زوجها الذي طلقها ، وقد تقدم منا من الكلام في ذلك ما يغنينا عن إعادته هاهنا .

                  ولما كانت النفقة إنما تجب على المطلقة الحامل المعتدة لاعتدادها من زوجها المطلق لها ، وكانت المتوفى عنها زوجها إذا لم يعلم بها حمل ، لا نفقة لها باتفاق العلماء على ذلك ، [ ص: 366 ] وجب أن لا تكون لها نفقة إذا كانت حاملا إذ كانت النفقة على المعتدة ، وإنما تجب لها ، لا لمن هي حامل به على ما بينا في الفصل الأول وهكذا كان مالك ، وأبو حنيفة ، وزفر ، وأبو يوسف ، ومحمد ، والشافعي ، وأكثر أهل العلم ممن سواهم من الطبقة التي بعد التابعين يقولون في هذا الباب .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية