الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  تأويل قوله تعالى : ( للذين يؤلون من نسائهم ) ، الآية .

                  قال تعالى جل ثناؤه : ( للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم )

                  روي عن ابن عباس أن السبب الذي فيه نزلت هذه الآية هو ما كان أهل الجاهلية يحلفون على ترك قرب نسائهم السنة والسنتين كما :

                  1935 - حدثنا يوسف بن يزيد ، قال حدثنا سعيد بن منصور ، قال حدثنا الحارث بن عبيد الأنصاري أبو قدامة ، قال حدثنا عامر الأحول ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس ، قال : كان إيلاء أهل الجاهلية السنة والسنتين ، فوقت الله عز وجل الإيلاء ، فمن كان إيلاؤه دون أربعة أشهر فليس بإيلاء .

                  1936 - حدثنا أحمد بن داود ، قال حدثنا مسلم بن إبراهيم الأزدي ، قال حدثنا الحارث بن عبيد ، قال حدثنا عامر الأحول ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال : كان إيلاء أهل الجاهلية السنة والسنتين وأكثر من ذلك ، فوقت الله عز وجل لهم أربعة أشهر ، فمن كان إيلاؤه منهم أقل من أربعة أشهر فليس بإيلاء .

                  فأخبر ابن عباس أن السبب الذي نزلت فيه هذه الآية هو هذا ، وأنه اليمين على ترك قرب المرأة الواجب لها على زوجها بحق النكاح القائم بينه وبينها ، وأن الله عز وجل جعل له مدة يبقي عليه فيها النكاح كما كان ، وأن الإيلاء الذي كان منه لم يزل به النكاح ثم وجدنا أهل العلم بعد ذلك مجمعين على أن قوله جل وعز : ( فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم ) ، أنه على الجماع ، وأنه إذا كان ذلك منه إليها صار حانثا في يمينه ، [ ص: 382 ] ووجب عليه ما يجب على الحانث ، وزالت بذلك يمينه عنها ، غير أنا وجدناهم يختلفون في تركه الجماع حتى يمضي عليها أربعة أشهر مذ يوم آلى منها ، فطائفة منهم تقول : يؤخذ بالفيء إليها وهو الجماع ، فيكون بذلك مؤديا إليها حقها ، وحانثا في يمينه على قربها ، أو يطلقها طلاقا يزيل نكاحها حتى تنقطع عن حقوقها التي عضلها عنها ، ومنعها منها وممن قال ذلك منهم كثير من أهل المدينة ، وقد روي ما قالوا عن غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                  1937 - كما حدثنا فهد ، قال حدثنا محمد بن سعيد ، قال أخبرنا ابن عيينة ، عن يحيى بن سعيد ، عن سليمان بن يسار ، قال : أدركت أربعة عشر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون : المولي يوقف .

                  1938 - وحدثنا فهد ، قال حدثنا محمد ، قال أخبرنا شريك بن عبد الله ، عن ليث ، عن مجاهد ، قال : سمعت مروان ، يقول : سمعت عليا ، يقول : إن كنت لموقف المولي بعد الأربعة ، فإما أن يفيء ، وإما أن يطلق .

                  1939 - حدثنا فهد ، قال حدثنا محمد ، قال حدثنا عبد السلام بن حرب ، عن الشيباني ، عن بكير بن الأخنس ، عن مجاهد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن علي ، قال : يوقف المولي .

                  1940 - حدثنا فهد ، قال حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل ، قال حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق الشيباني ، عن عامر ، عن عمرو بن سلمة ، عن علي ، أنه كان يوقف صاحب الإيلاء بعد انقضاء الأربعة أشهر ، فإن شاء فاء ، وإن شاء عزم ، أو قال : طلق .

                  1941 - حدثنا صالح بن عبد الرحمن ، قال حدثنا سعيد بن منصور ، قال حدثنا هشيم ، قال أخبرنا الشيباني ، عن الشعبي ، قال : أخبرني ابن سلمة الكندي ، أنه شهد [ ص: 383 ] عليا أوقف عند الأربعة الأشهر ، فإما أن يفيء ، وإما أن يطلق .

                  1942 - حدثنا صالح ، قال حدثنا سعيد ، قال حدثنا هشيم ، قال أخبرنا الشيباني ، عن بكير بن الأخنس ، عن مجاهد ، عن ابن أبي ليلى ، قال : شهدت عليا فعل ذلك ، .

                  1943 - حدثنا صالح ، قال حدثنا سعيد ، قال حدثنا خالد ، عن الشيباني ، عن بكير ، عن ابن المسيب ، عن علي ، مثله .

                  فاختلف هشيم وخالد في الرجل الذي رواه عن علي ، فذكر هشيم أنه ابن أبي ليلى ، وذكر خالد أنه ابن المسيب .

                  1944 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال حدثنا ابن وهب ، أن مالكا ، أخبره ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أنه كان يقول : أيما رجل آلى من امرأته فإنه إذا مضت الأربعة الأشهر أوقف حتى يطلق ، أو يفيء ، ولا يقع عليه طلاق إذا مضت الأربعة الأشهر حتى يوقف .

                  1945 - حدثنا نصر بن مرزوق ، قال حدثنا الخصيب ، قال حدثنا حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، أن أبا الدرداء ، قال : يوقف عند الأربعة الأشهر ، فإما أن يطلق ، وإما أن يراجع .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية