الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  فإن قال قائل : فإن الله عز وجل قال بعقب قوله : ( إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ) ، تباعا سنة لذلك : ( ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم ) .

                  فدل ذلك على أن الطواف بهما في الحج والعمرة من التطوع الذي قد أمر به فيهما قيل له : ليس ذلك كما ذكرت ، لأنه لو كان كما وصفت لكان الطواف بينهما قربة ، وكان للناس أن يطوعوا بالطواف بينهما وإن لم يكونوا حاجين ، ولا معتمرين وقد أجمع المسلمون أن الطواف بينهما في غير الحج ، وفي غير العمرة ، ليس مما يتقرب به العباد إلى الله عز وجل ، ولا مما يتطوعون له به ، وأن الطواف بينهما كذلك لا معنى له ، ولا قربة فيه إلا أن يكون في حج أو في عمرة ، فدل ذلك على أن قوله : ( ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم ) ، لم يرجع على الطواف بين الصفا والمروة ، ولكنه رجع على قوله ( فمن حج البيت أو اعتمر ) أي من تطوع بحج أو عمرة ، ( فإن الله شاكر عليم ) .

                  [ ص: 101 ] 1313 - وقد حدثنا أبو بكرة ، قال حدثنا أبو داود ، قال حدثنا حماد بن سلمة ، عن أبي عاصم الغنوي ، عن أبي الطفيل ، قال : قلت لابن عباس : إن قومك يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سعى بين الصفا والمروة ؟ قال : صدقوا .

                  فهذا ابن عباس يخبر أن الطواف بينهما ، يعني : في الحج والعمرة من السنة ، فقد وافق ذلك ما روي عن عائشة في ذلك ، لا ما روي فيه عن أنس .

                  وهكذا كان أبو حنيفة ، ومالك ، وزفر ، وأبو يوسف ، ومحمد ، والشافعي يذهبون في الطواف بين الصفا والمروة في الحج والعمرة ، أنه ليس مما لحاج ، ولا لمعتمر تركه ، وإن تاركا إن تركه في حج أو عمرة حتى رجع إلى أهله فعليه لذلك دم ، وتجزيه حجته وعمرته وهكذا حدثنا سليمان بن شعيب ، عن أبيه ، عن محمد ، عن أبي يوسف ، عن أبي حنيفة ، وعن أبيه ، عن محمد ، عن أبي يوسف ، وعن أبيه ، عن محمد من رأى كل واحد منهم بما ذكرناه في ذلك وهذا السعي بين الصفا والمروة الذي ذكرنا فإنما يكون بعقب أول طواف يطوفه الحاج لحجه ، فإن كان ذلك الطواف قبل يوم النحر ، فهو طواف مأخوذ من طواف رسول الله صلى الله عليه وسلم لحجته وعند قدومه مكة على ما قد روينا فيما تقدم منا في هذا الباب ، سعى بعقبه بين الصفا والمروة وإن كان ذلك الحاج لم يطف لحجته قبل يوم النحر ، ثم طاف لها في يوم النحر ، وفيما بعده قبل مضي أيام النحر ، فهو طواف واجب سعى بعقبه بين الصفا والمروة في الحج إلا مرة واحدة .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية