الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  وقد روي عن عبد الله بن عباس ما قد احتج به أهل هذا القول أيضا لقولهم أيضا ، وهو أن إبراهيم بن أبي داود :

                  1524 - قد حدثنا ، قال حدثنا عبد الرحمن بن المبارك ، قال حدثنا خالد بن الحارث ، قال حدثنا شعبة ، عن قتادة ، قال : سمعت أبا مجلز ، يقول : سألت ابن عباس عن شيء من أمر الجمار ، فقال : ما أدري ، بما رماها رسول الله صلى الله عليه وسلم بست أو بسبع .

                  1525 - وإن إبراهيم بن أبي داود ، أيضا ، قد حدثنا ، قال حدثنا أمية بن بسطام ، قال حدثنا يزيد بن زريع ، عن شعبة ، عن قتادة ، عن أبي مجلز ، مثله .

                  وقد روي عن جابر بن عبد الله مثل هذا أيضا كما :

                  1526 - قد حدثنا فهد بن سليمان ، قال حدثنا عثمان بن الهيثم ، قال حدثنا ابن جريج ، قال : أخبرني أبو الزبير ، أنه سمع جابرا ، يقول : لا أدري بكم رمى النبي صلى الله عليه وسلم ؟ .

                  [ ص: 186 ] وخالفهم في ذلك أهل العلم سواهم ، فقالوا : بل ترمى كل جمرة من الجمار الثلاث بسبع حصيات ، لا ينقص منهن ، ولا يزاد عليهن وقالوا : ما احتج به علينا أهل المقالة الأولى من حديث سعد بن أبي وقاص ، فلا حجة فيه علينا ، لأنه حديث منقطع ، لا يثبت أهل الإسناد مثله ، ثم لو كان ثابتا لما كان في قول سعد : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعب ذلك عليهم ، دليل على أنه كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم كما فعلوه ، ولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي ذلك منهم ، لأنا قد رأينا أشياء قد فعلت في زمنه صلى الله عليه وسلم ، ولم يذكرهم له ، فلم يعدد أصحابه رضي الله عنهم ذلك الفعل الذي كان في زمنه ، كالفعل الذي أمر به فمن ذلك ما قد قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه لرفاعة بن رافع الأنصاري لما ذكر له أنهم كانوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يجامعون ولا ينزلون ، فلا يغتسلون ، وقول عمر له : أفذكرتم ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فأقركم عليه ؟ فقال : لا فلم يلتفت عمر إلى ذلك .

                  1527 - حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، قال حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن معمر بن أبي حبيبة ، عن عبيد بن رفاعة ، عن أبيه ، قال : إني لجالس عن يمين عمر بن الخطاب ، إذ جاء رجل ، فقال : يا أمير المؤمنين ، هذا زيد بن ثابت يفتي الناس بالغسل من الجنابة برأيه فقال عمر : أعجل على به فجاء زيد ، فقال عمر : أبلغ من أمرك أن تفتي الناس بالغسل من الجنابة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم برأيك ؟ فقال له زيد : والله يا أمير المؤمنين ، ما أفتيت برأيي ، ولكني سمعت من أعمامي شيئا ، فقلت به فقال : من أي أعمامك ؟ فقال : من أبي أيوب ، وأبي بن كعب ، ورفاعة بن رافع فالتفت إلى عمر ، فقال : ما يقول هذا المفتي ؟ قلت : إن كنا لنفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم لا نغتسل قال : أفسألتم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ؟ فقلت : لا فقال : على بالناس ، فأصفق الناس إن الماء لا يكون إلا من الماء ، إلا ما كان من علي ومعاذ ، فقالا : إذا جاوز الختان الختان ، فقد وجب الغسل فقال أمير المؤمنين : لا أجد أحدا أعلم بهذا من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أزواجه ، فأرسل إلى حفصة ، فقالت : لا علم لي ، [ ص: 187 ] فأرسل إلى عائشة ، فقالت : إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل ، فتحطم عمر ، وقال : لئن أخبرت أن أحدا يفعله ثم لا يغتسل لأنهكنه عقوبة .

                  أفلا ترى أن عمر رضي الله عنه لم يعدد قول رفاعة : كنا نفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم لا نغتسل ، لما لم يخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان علمه منهم فأقرهم عليه ، حجة يجب بها أنه كان عند النبي صلى الله عليه وسلم كذلك فكذلك ما رويناه عن سعد في الجمار مما فعل مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يذكر له فيقرهم عليه ، حجة أنه كان عند النبي صلى الله عليه وسلم كذلك .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية