الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  وقد روي عن جابر بن عبد الله أن هذه الخطبة التي ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خطب الناس بها في حجته يوم النحر ، كان خطبهم بها يوم عرفة كما :

                  1375 - قد حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال حدثنا أسد بن موسى ، قال حدثنا حاتم بن إسماعيل ، قال حدثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله ، في حديثه عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما زاغت الشمس يوم عرفة في حجته أمر بالقصواء ، فرحلت له ، فركب حتى أتى بطن الوادي ، فخطب الناس ، فقال : إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ، أن لا وإن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ، ودماء الجاهلية موضوعة ، أول دم أضع دماءنا دم ابن الحارث ، كان مسترضعا في بني سعد ، فقتلته هذيل ، وإن ربا الجاهلية موضوع ، وأول ربا أضع ربا العباس بن عبد المطلب ، فإنه موضوع كله ، اتقوا الله عز وجل في النساء ، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله عز وجل ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله عز وجل ، وإن لكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده [ ص: 129 ] كتاب الله عز وجل ، وأنتم مسئولون عني ، فما أنتم قائلون ؟ قالوا : نشهد أنك قد بلغت ، وأديت ، ونصحت فقال بأصبعه السبابة ، ورفعها إلى السماء ينكبها إلى الناس : اللهم اشهد ، اللهم اشهد ، اللهم اشهد ، ثم أذن بلال .

                  فهذا جابر بن عبد الله يخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب بهذه الخطبة في يوم عرفة وقد يجوز أن يكون خطب بها في يوم عرفة ، ثم خطب بها بعد ذلك يوم النحر غير أن في حديث جابر هذا معنى يدل على خلاف ذلك .

                  وذلك أن الربيع بن سليمان المرادي :

                  1376 - قد حدثنا ، قال حدثنا أسد بن موسى ، قال حدثنا حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، في حديثه عن حجة النبي صلى الله عليه وسلم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رمى يومئذ جمرة العقبة ، انصرف إلى المنحر ، فنحر ثلاثا وستين بدنة ، وأعطى عليا رضي الله عنه ، فنحر ما غبر ، وأشركه في هديه ، ثم أمر من كل بدنة ببضعة ، فجعلت في قدر ، فطبخت ، فصلى بمكة الظهر .

                  ففي هذا ما يدل أنه لم يخطب يومئذ ، إذ كان إنما صار من بعد الرمي إلى الهدي حتى نحره ، وحتى طبخ له ، وأكل من لحمه ، وحشا من مرقه ، ثم صار إلى مكة .

                  فهذا خلاف الآثار الأول ، والله عز وجل أعلم بما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك وقد ذكرنا عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب في حجته ثلاث خطب ، فدل ذلك أن ما كان خطبه سوى تلك الثلاث الخطب في حجته فلم تكن للحج ، وإن كان لغيره .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية