الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  ولما اختلفوا في ذلك ، وكان الطلاق الذي يوجب الرجعة غير مزيل لحقوق النكاح من الميراث ، ومن ارتجاع النساء المطلقات بغير اختيارهن ، ومن وجوب ذلك عليهن ، ورجوعهن به إلى ما كن عليه قبل الطلاق بلا صدقات تجب لهن على الأزواج المراجعين بذلك ، ولم يجعل ذلك في حكم استئناف النكاح ، دل ذلك أن النكاح الأول قائم بعد الطلاق ، غير منقطع دون الخروج من العدة ، وكن لو خرجن من العدة وقعت البينونة ، وزال النكاح ، فلم يعدن أزواجا إلا بما كن به أزواجا لو لم يكن عليهن عقد [ ص: 329 ] نكاح قبل ذلك ، وأن إلى الأزواج المطلقين قطع تلك العدد حتى لا تحدث البينونات في الطلاق ولما كان لهم ذلك بالأقوال مع الإشهاد كان لهم بالأقوال دون الإشهاد ، وبالدلائل على ما يراد بالأقوال وفي الآية ما دل على أن الإشهاد إنما هو بعد الرجعة ، لأنه عز وجل قال : ( فأمسكوهن بمعروف ) ، أي راجعوهن بمعروف ، ( أو فارقوهن بمعروف ) ، أي خلوا عنهن حتى يبن منكم بمعروف ، فينكحن من بدالهن ثم قال عز وجل بعد ذلك : ( وأشهدوا ذوي عدل منكم ) ، أي على ما كان منكم من هذين الفعلين وكان أحد الفعلين قد يكون بلا إشهاد وهو الترك حتى تكون الفرقة ، كان الآخر أيضا كذلك يكون بلا إشهاد وهو المراجعة ووجدنا كل إشهاد أمر به في القرآن لمعنى قد تقدمه ، ليس مما لا بد منه ، وإنما على سبيل الندب إلى ذلك لخوف عاقبة فيه أو ما سواها كما قال عز وجل في الدين : ( واستشهدوا شهيدين من رجالكم ) ، وإنما يكون ذلك بعد وجوب الدين ، وكما قال عز وجل ( وأشهدوا إذا تبايعتم ) وإنما يكون ذلك بعد التبايع ، وكان الدين والبيع لو لم يشهد فيهما كانا جائزين ، كان كذلك الرجعة تكون جائزة وإن لم يشهد فيها ، وقد قال بذلك عمران بن حصين ، ولا نعلم له من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك مخالفا وقد قال بهذا القول غير واحد من التابعين كما :

                  1808 - حدثنا يحيى ، قال حدثنا نعيم ، قال حدثنا ابن المبارك ، قال أخبرنا سفيان ، عن المغيرة ، عن إبراهيم ، وجابر ، عن عامر ، قالا : إذا جامع ولم يشهد فهي رجعة وتشهد .

                  1809 - حدثنا يحيى ، قال حدثنا نعيم ، قال حدثنا ابن المبارك ، قال أخبرنا سعيد ، عن مطر ، عن أبي معشر ، عن النخعي ، قال : غشيانه لها في العدة مراجعة .

                  1810 - حدثنا يحيى ، قال حدثنا نعيم ، قال حدثنا ابن المبارك ، قال حدثنا [ ص: 330 ] سعيد ، عن مطر ، عن الحكم ، وعطاء ، مثله .

                  1811 - حدثنا يحيى ، قال حدثنا نعيم ، قال حدثنا ابن المبارك ، قال أخبرنا سليمان التيمي ، قال : سألت طاوسا عن رجل طلق ولم يشهد ، فقال : وما حمله على ذلك ؟ قال : جهل ، ويشهد إذا علم يعني علم بجهالته .

                  فهذا طاووس قد أمر بالإشهاد على الطلاق ، وكما أمر بالإشهاد على الرجعة ، لا على أن ذلك مما لا بد منه ، ومما لا يكون مطلقا إلا به .

                  1812 - حدثنا يحيى ، قال حدثنا نعيم ، قال حدثنا ابن المبارك ، قال : أخبرني معمر ، سمع مطرا ، يحدث عن الحسن ، وابن المسيب ، قالا : غشيانه لها في العدة مراجعة .

                  فقد قال بهذا من التابعين من ذكرنا من التابعين في هذه الآثار ، ولا نعلم للمخالف لهذا القول في قوله في ذلك إماما كأحد من هؤلاء .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية