الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  قال أبو جعفر : وقد رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في حجة الوداع ، أن يرملوا في طوافهم عند قدومهم مكة في الثلاثة الأشواط الأول من الطواف الأول وروي عنه في ذلك ما :

                  1328 - قد حدثنا محمد بن خذيمة ، وفهد بن سليمان ، قالا : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني الليث بن سعد ، قال : حدثني ابن الهاد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله ، قال : طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع سبعا ، رمل منهن ثلاثا ومشى أربعا .

                  1329 - وما قد حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال حدثنا أسد بن موسى ، قال حدثنا حاتم بن إسماعيل ، قال حدثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله [ ص: 107 ] عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر مثله سواء .

                  فكان ذلك مما وكده فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه ، وأجمع المسلمون عليه ، ولم يرخصوا لأحد في تركه إلا النساء ، فإنهم جميعا مجمعون على أنه لا رمل عليهم ، وغير عبد الله بن عباس ، فإنه قد روي عنه أن الرمل في الطواف بالبيت ليس من السنة .

                  1330 - كما قد حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال حدثنا أسد بن موسى ، قال حدثنا حماد بن سلمة ، عن أبي عاصم الغنوي ، عن أبي الطفيل ، قال : قلت لابن عباس : يزعم قومك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رمل بالبيت ، وأن ذلك سنة ؟ قال : صدقوا وكذبوا قلت : ما صدقوا وما كذبوا ؟ قال : صدقوا ، قد رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت وكذبوا ، ليست بسنة إن قريشا قالت زمن الحديبية : دعوا محمدا وأصحابه حتى يموتوا موت النغف فلما صالحهم على أن يجيء في العام المقبل فيمكثوا ثلاثة أيام بمكة ، فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمشركون على جبل قعيقعان ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه : ارملوا ثلاثا ، وليست بسنة .

                  1331 - وكما قد حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال حدثنا حجاج بن نضير ، قالحدثنا قطرب بن خليفة ، عن أبي الطفيل ، قال : قلت لابن عباس : يزعم قومك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمل بالبيت ، وأنها سنة ؟ قال : صدقوا وكذبوا ، قد رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت ، وليست بسنة ، ولكن قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة والمشركون على قعيقعان ، وبلغه أنهم يقولون : إن به وبأصحابه هزلا فقال لأصحابه : ارملوا ، أروهم أن بكم قوة .

                  [ ص: 108 ] فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمل من الحجر الأسود إلى الركن اليماني ، فإذا توارى عنهم مشى ولما رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثلاثة الأشواط من طوافه بالبيت في حجته لا بحضرة عدو ، ثبت بذلك أن رمله الذي كان منه قبل ذلك في الثلاثة الأشواط الأول من الطواف لعمرته بحضرة العدو ، ولم يكن ذلك للعدو ، وإنما كأنه من سنة ذلك الطواف وهكذا كان أبو حنيفة ، وزفر ، وأبو يوسف ، ومحمد بن الحسن ، وسائر أهل العلم ، سوى ابن عباس ومن تابعه عليه ، يقولون في هذا .

                  وهذا الرمل فإنما هو على الرجال خاصة دون النساء في أول طواف يطوفه الحاج في حجته ، ويطوفه المعتمر لعمرته .

                  وينبغي لمن أراد الطواف بالبيت من الرجال ومن النساء أن يفتتح الطواف من الحجر الأسود ، فيستلمه إن قدر على ذلك ، أو يستقبله ، ويكبر ، ويرفع يديه كما يفعل عند افتتاح الصلاة ، ثم يمضي في طوافه ، ثم لا يمر به بعد ذلك في طوافه إلا استلمه إن قدر على ذلك ، واستقبله ، وكبر ، ورفع يديه في تكبيره ذلك .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية