الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  واختلفوا في المحصر الذي ذكرنا في الحج الذي لم يكن واجبا عليه قبل دخوله فيه ، وفي العمرة التي لم تكن واجبة عليه قبل دخوله فيها .

                  فقالت طائفة منهم : عليه قضاء الحج ، وقضاء العمرة جميعا وممن قال ذلك منهم أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد بن الحسن كما قد حدثنا محمد بن العباس ، عن علي ، عن محمد ، أبي يوسف ، عن أبي حنيفة ، وعن علي ، عن محمد ، عن أبي يوسف ، وعن علي ، عن محمد بذلك .

                  [ ص: 256 ] وقالت طائفة منهم لا قضاء عليه في ذلك وممن قال ذلك منهم مالك بن أنس كما حدثنا يونس ، قال أخبرنا ابن وهب ، عن مالك بذلك .

                  ولما اختلفوا في ذلك على ما ذكرنا وقد روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الحجاج بن عمرو الأنصاري : من كسر أو عرج فقد حل ، وعليه حجة أخرى ، كان ذلك دليلا على ما قال أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد في ذلك مع ما قد رويناه عن عبد الله بن مسعود في فتياه الذين سألوه عن اللديغ بذات التنانين أو بذات الشقوق : أن عليه عمرة من قابل .

                  وأما قوله عز وجل : ( فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) ، وأن المذكور في هذه الآية من الصيام ، ومن الصدقة ، ومن النسك مما لم يبين الله عز وجل لنا فيها ، ولا فيما سواها من كتابه ، عدد ذلك الصوم ، ومقدار تلك الصدقة وجنسها ، وذلك النسك ، وبينه لنا عز وجل على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم كما :

                  1686 - حدثنا يوسف بن يزيد ، قراءة منه علينا ، قال حدثنا يعقوب بن إسحاق بن أبي عباد المكي ، قال حدثنا مسلم بن خالد ، عن ابن جريج ، عن عبد الله بن كثير ، عن مجاهد ، قال حدثني عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه وقمله يتساقط على وجهه ، فقال : أيؤذيك هوامك ؟ . قال : نعم فأمره أن يحلق وهو بالحديبية ، ولم يبين لهم أنهم يحلون بها وهم على طمع أن يدخلوا مكة ، فأنزل الله عز وجل الفدية ، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطعم فرقا بين ستة مساكين ، أو يهدي شاة ، أو يصوم ثلاثة أيام .

                  فبين لنا في هذا الحديث أن الصوم ثلاثة أيام ، وأن النسك شاة ، وأن الطعام فرق غير أنه لم يبين لنا ما مقدار الفرق ، ولا صنف الطعام فالتمسنا ذلك في غير هذا الحديث فوجدنا .

                  [ ص: 257 ] 1687 - محمد بن خزيمة ، قد حدثنا ، قال حدثنا حجاج بن منهال ، قال حدثنا حماد بن سلمة ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى عليه وهو يحتش تحت قدر له ، والقمل يتناثر من رأسه ، وهو محرم ، قال : أيؤذيك هوام رأسك ؟ . قال : نعم قال : فاحلق رأسك ، وإن شئت فانسك نسكه ، وإن شئت فصم ثلاثة أيام ، وإن شئت فاطعم ثلاثة أصواع من تمر ستة مساكين .

                  قال أحمد : هكذا روى حماد بن سلمة هذا الحديث ، عن داود ، عن الشعبي ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب .

                  وأما يزيد بن زريع فرواه عن داود ، عن الشعبي ، عن كعب ، ولم يذكر عبد الرحمن بن أبي ليلى كما :

                  1688 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج ، قال حدثنا يزيد بن زريع ، قال حدثنا داود ، عن الشعبي ، عن كعب بن عجرة ، قال : مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ، ولي وفيرة فيها هوام ، من بين أصل كل شعرة إلى فرعها قمل وصئبان ، فقال : إن هذا لأذى ؟ قلت : أجل يا رسول الله ، شديد قال : معك دم ؟ قلت : لا قال : فإن شئت فصم ثلاثة أيام ، وإن شئت فتصدق بثلاثة أصواع من تمر بين ستة مساكين ، كل مسكينين صاع .

                  هكذا رواه يزيد بن زريع عن داود ، لم يذكر فيه ابن أبي ليلى ، وقد بين فيه أن الصدقة ثلاثة أصواع من تمر ، وبدأ فيه بذكر الدم ، وجعل التخيير في الصنفين الباقيين بعده .

                  وقد روى وهب بن خالد هذا الحديث عن داود ، كما رواه يزيد بن زريع في إسناده ، فلم يذكر فيه ابن أبي ليلى ، وقال فيه عن الشعبي ، قال : حدثني كعب بن عجرة كما :

                  [ ص: 258 ] 1689 - حدثنا نصر بن مرزوق ، قال حدثنا الخصيب بن ناصح ، قال حدثنا وهيب بن خالد ، عن داود بن أبي هند ، عن عامر الشعبي ، قال حدثني كعب بن عجرة ، قال : مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية ، وعلي وفرة وسان من أصل كل شعرة إلى فرعها قملا وصئبانا ، فقال : إن هذا لأذى ؟ قلت : نعم قال : فاحلق ، واذبح ، أو صم ثلاثة أيام ، أو تصدق بثلاثة آصع من تمر على ستة مساكين .

                  ففي هذا الحديث التخيير من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكعب بين الأصناف الثلاثة المذكورة في هذه الآية ، وفيه أيضا أن الثلاثة الآصع المذكورة في حديثه من التمر كما في حديثي حماد ، ويزيد ، عن داود .

                  وقد روى هذا الحديث أبو قلابة ، عن أبي ليلى ، عن كعب ، فذكر أن الثلاثة الآصع التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه من التمر كما :

                  1690 - حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني ، قال حدثنا محمد بن إدريس الشافعي ، قال حدثنا عبد الوهاب ، عن خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن ابن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة ، قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم على زمن الحديبية ، وأنا كثير الشعر ، فقال : كأن هوام رأسك يؤذيك ؟ . قال : قلت : أجل قال : فاحلقه ، واذبح نسيكة ، أو صم ثلاثة أيام ، أو تصدق بثلاثة آصع تمرا بين ستة مساكين .

                  ففي هذا الحديث تخيير رسول الله صلى الله عليه وسلم كعبا بين هذه الأصناف الثلاثة أيضا ، وفيه أيضا أن الآصع الثلاثة من التمر وقد روي هذا الحديث أيضا عن عبد الله بن معقل ، عن كعب ، فذكر فيه تخيير رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه بين النسك والصيام والإطعام ، غير أنه قال فيه : أو أطعم ستة مساكين ، كل مسكين نصف صاع حنطة .

                  1691 - كما حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال حدثنا بشر بن عمر الزهراني ، [ ص: 259 ] قال حدثنا شعبة ، عن عبد الرحمن بن الأصبهاني ، قال : سمعت عبد الله بن معقل ، يقول : قعدت إلى كعب بن عجرة في المسجد ، فسألته عن هذه الآية : ( ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) فقال : في أنزلت ، حملت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي ، فقال : ما كنت أرى الجهد بلغ بك هذا ، أو بلغ بك ما أرى ، فنزلت في خاصة ، ولكم عامة ، فأمرني أن أحلق رأسي ، وأنسك نسيكة ، أو أصوم ثلاثة أيام ، أو أطعم ستة مساكين ، كل مسكين نصف صاع حنطة .

                  ففي هذا الحديث تخيير رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه واحدا من هذه الأصناف ، وفيه أن الثلاثة الآصع من الحنطة ، وقد روى الثوري هذا الحديث عن ابن الأصبهاني ، .

                  1692 - كما حدثنا أبو بكرة ، قال حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، قال حدثنا سفيان الثوري ، عن ابن الأصبهاني ، عن عبد الله بن معقل ، عن كعب بن عجرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ، غير أنه قال : أو أطعم فرقا بين ستة مساكين .

                  فالتخيير في هذا الحديث كما هو في حديث شعبة ، عن ابن الأصبهاني وقد روى زكرياء بن أبي زائدة هذا الحديث عن ابن الأصبهاني كما :

                  1693 - حدثنا روح بن الفرج ، قال حدثنا يوسف بن عدي ، قال حدثنا عبد الرحيم بن سليمان ، عن زكرياء بن أبي زائدة ، عن عبد الرحمن بن الأصبهاني ، قال : حدثني عبد الله بن معقل ، أن كعب بن عجرة ، حدثه أنه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم محرما ، فقمل رأسه ولحيته ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فأرسل إلي الحلاق ، فحلق رأسي ، ثم قال له : هل عندك نسك ؟ فقال : ما أقدر عليه ، فأمره بصوم ثلاثة أيام ، [ ص: 260 ] أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين صاع ، فأنزل الله عز وجل فيه خاصة : ( فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) ، فكانت للمسلمين عامة .

                  ففي هذا الحديث تبدئة رسول الله صلى الله عليه وسلم النسك ، وتخييره كعبا بعد إخباره إياه أنه لا يقدر على النسك ، بين الصنفين الآخرين .

                  وقد روى أبو عوانة هذا الحديث عن ابن الأصبهاني على هذا المعنى أيضا .

                  1694 - كما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج بن منهال ، قال حدثنا أبو عوانة ، عن عبد الرحمن بن الأصبهاني ، عن عبد الله بن معقل بن مقرن ، قال : كنا جلوسا في المسجد ، فجلس إلينا كعب بن عجرة ، فقال : في نزلت هذه الآية : ( فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ) قال : قلت له : كيف كان شأنك ؟ قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمين ، فوقع القمل في رأسي ولحيتي وشاربي حتى وقع في حاجبي ، فذكر ذلك رجل للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما كنت أرى بلغ منك هذا ، ادع الحلاق ، فدعي الحلاق ، فحلق رأسه ، قال : هل تجد من نسيكة ؟ قال : قلت : لا قال : فصيام ثلاثة أيام ، أو إطعام ثلاثة أصوع ، بين كل مسكينين صاع .

                  قال : فأنزلت في خاصة ، وهي للناس عامة .


                  وقد روى مالك بن أنس هذا الحديث عن عبد الكريم بن مالك الجزري ، عن مجاهد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة ، فزاد فيه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على مراده من الأصناف الثلاثة ما اختاره كعب منها .

                  1695 - كما حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني ، قال حدثنا الشافعي ، قال أخبرنا مالك ، عن عبد الكريم بن مالك الجزري ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة ، أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأذاه القمل في رأسه ، فأمره رسول [ ص: 261 ] الله صلى الله عليه وسلم أن يحلق رأسه ، قال : صم ثلاثة أيام ، أو أطعم ستة مساكين ، كل مسكين مدين مدين ، أو انسك شاة ، أي ذلك فعلت أجزأ عنك .

                  قال الشافعي : غلط مالك في الحديث ، الحفاظ حفظوه عن عبد الكريم ، عن مجاهد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، والذي ذكرناه في حديث حماد بن سلمة ، عن داود ، عن الشعبي ، عن كعب : إن شئت فانسك نسيكة ، وإن شئت فصم ثلاثة أيام ، وإن شئت فأطعم ثلاثة أصواع من بين ستة مساكين ، مثل هذا أيضا غير أنا نظرنا فيما ذكره الشافعي من غلط مالك في هذا الحديث لم نجد له أصلا ، ووجدنا الحفاظ قد رووه عن مالك ، عن عبد الكريم ، عن مجاهد ، عن ابن أبي ليلى ، فوقفنا بذلك على أن الغلط كان من الشافعي ، أو كان مالك غلط فيه في الوقت الذي سمعه منه الشافعي ، وقد كان قبل ذلك أو بعد ذلك حدث به صحيحا فممن رواه عن مالك ، لا غلط فيه ، عبد الله بن وهب ، .

                  1696 - كما حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال أخبرنا ابن وهب ، أن مالكا ، حدثه عن عبد الكريم بن مالك ، عن مجاهد ، عن ابن أبي ليلى ، عن كعب ، ثم ذكر مثل حديث الشافعي سواء .

                  ومنهم القعنبي ، فرواه عن مالك كذلك ، .

                  1697 - كما حدثنا يزيد بن سنان ، قال حدثنا القعنبي ، قال : قرأت على مالك ، عن عبد الكريم بن مالك ، عن مجاهد ، عن ابن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة ، فذكر مثل ذلك أيضا .

                  وقد روى هذا الحديث جماعة ، عن عبد الكريم ، عن مجاهد ، أيضا ، منهم عبد الله بن عمرو .

                  [ ص: 262 ] 1698 - كما حدثنا يونس ، قال حدثنا علي بن معبد ، عن عبيد الله بن عمرو ، عن عبد الكريم بن مالك ، عن مجاهد أبي الحجاج ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة ، فذكر مثل حديث الشافعي ، غير أنه لم يقل : أي ذلك فعلت أجزأك .

                  وقد روى هذا الحديث عن مجاهد جماعة هذا المعنى أيضا ، منهم حميد بن قيس .

                  1699 - كما حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني ، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قالا : حدثنا الشافعي ، قال أخبرنا مالك ، عن حميد بن قيس ، عن مجاهد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لعله آذاك هوامك ؟ قلت : نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : احلق رأسك ، وصم ثلاثة أيام ، أو أطعم ستة مساكين ، أو انسك شاة ، .

                  1700 - وكما حدثنا يونس ، قال أخبرنا ابن وهب ، أن مالكا ، حدثه عن حميد ، فذكر بإسناده مثله ، .

                  1701 - وكما حدثنا يزيد ، قال حدثنا القعنبي ، قال : قرأت على مالك ، عن حميد بن قيس ، فذكر مثله ، .

                  1702 - وكما حدثنا محمد بن عبد الحكم ، قال أخبرنا أشهب بن عبد العزيز ، قال حدثنا مالك ، أن حميد بن قيس ، حدثه ثم ذكر بإسناده مثله .

                  ومنهم ابن أبي نجيح :

                  1703 - فحدثنا إسماعيل بن يحيى ، قال حدثنا الشافعي ، قال أخبرنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن أبي ليلى ، عن كعب ، مثله .

                  [ ص: 263 ] ومنهم أيوب السختياني :

                  1704 - فحدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج ، قال حدثنا حماد بن سلمة ، وحماد بن زيد ، عن أيوب ، عن مجاهد ، فذكر بإسناده مثله .

                  ومنهم سيف بن سليمان :

                  1705 - فحدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال حدثنا أبو حذيفة ، عن سفيان ، عن سيف ، عن مجاهد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب ، قال : مر بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أوقد تحت قدر لي ، وأنا بالحديبية ، فقال : أيؤذيك هوام رأسك ؟ . قال : نعم قال : احلق ونزلت هذه الآية : ( فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) ، فالصيام ثلاثة أيام ، والصدقة ستة مساكين بينهم فرق ، والنسك شاة .

                  ومنهم ابن عون .

                  1706 - فحدثنا يزيد بن سنان ، قال حدثنا سعيد بن سفيان الجحدري ، قال حدثنا ابن عون ، عن مجاهد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة ، أنه قال : في أنزلت هذه الآية ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ادن ، فدنوت ، قال ابن عون : أظنه ثلاث مرات ، ثم قال : أيؤذيك هوامك ؟ . قال : أظنه قال : نعم فأمرني بصيام أو صدقة أو نسك ما تيسر .

                  ومنهم أبو بشر .


                  1707 - فحدثنا يزيد ، قال حدثنا أبو داود ، قال حدثنا هشيم ، عن أبي بشر ، عن مجاهد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة ، قال : كنا مع رسول الله [ ص: 264 ] صلى الله عليه وسلم بالحديبية ، وقد حبسنا المشركون عن البيت ، ولي وفرة ، فجعلت الهوام تقع على وجهي ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيؤذيك هوامك ؟ فقلت : نعم قال : فاحلق رأسك ، وصم ثلاثا ، أو أطعم ستة مساكين ، أو انسك نسكا .

                  وقد روى هذا الحديث أيضا عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، على هذا المعنى ، ربيعة بن أبي عبد الرحمن .

                  1708 - كما حدثنا صالح بن عبد الرحمن الأنصاري ، قال حدثنا ابن أبي مريم ، قال حدثنا الإمامي عبد الرحمن بن عبد العزيز من ولد سهل بن حنيف ، قال : حدثني ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن أبي ليلى مولى الأنصار ، عن كعب بن عجرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى على وجهه دواب ، فقال : إني أراك يا كعب قد آذاك هوام رأسك . قال : أجل ، والله يا رسول الله فقال : احلق رأسك ، وأطعم ستة مساكين ، أو انسك شاة .

                  ولم يذكر في هذا الحديث الصيام .

                  وقد روى يحيى بن جعدة ، عن كعب هذا الحديث بالتخيير أيضا .

                  1709 - كما حدثنا يزيد ، قال حدثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، قال : حدثني عمرو بن دينار ، عن يحيى بن جعدة ، عن كعب بن عجرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر كعب بن عجرة أن يحلق رأسه من القمل ، وقال : صم ثلاثة أيام ، أو أطعم ستة مساكين مدين مدين ، أو اذبح .

                  وقد روى هذا الحديث أيضا ، عن كعب ، محمد بن كعب القرظي بالتخيير أيضا .

                  1710 - كما حدثنا يونس ، قال حدثنا عبد الله بن نافع ، قال : حدثني أسامة بن زيد ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن كعب بن عجرة ، قال كعب : أمرني رسول الله [ ص: 265 ] صلى الله عليه وسلم حين آذاني القمل أن أحلق رأسي وأصوم ثلاثة أيام ، أو أطعم ستة مساكين ، وقد علم أنه ليس عندي ما أنسك به .

                  وقد روى هذا الحديث أيضا على هذا المعنى عطاء الخراساني ، عن رجل لم يسمه ، عن كعب .

                  1711 - كما حدثنا يونس ، قال أخبرنا ابن وهب ، أن مالكا ، حدثه عن عطاء بن عبد الله الخراساني ، قال : أخبرني شيخ بسوق البرم بالكوفة ، عن كعب بن عجرة ، أنه قال : جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أنضج تحت قدر لأصحابي ، وقد امتلأ رأسي ولحيتي قملا ، فأخذ بجبهتي ، وقال : احلق هذا ، وصم ثلاثة ، أو أطعم ستة مساكين .

                  وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم علم أنه ليس عندي ما أنسك به .

                  ولم يذكر في هذا الحديث النسك .

                  وإنما احتجوا إلى كشف أمور التخيير في هذه الآثار ، وإنما كان في كتاب الله عز وجل من ذلك ما وجهه وجه التخيير ، لأنه قد يحتمل أن يكون مثل ذلك على ما لا تخيير فيه ، كما قال عز وجل في قطاع الطريق : ( أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ) ، فلم يكن ذلك عند كثير من أهل العلم على التخيير ، بل كان على مراتب بعضها بعد بعض فاحتجنا إلى كشف ما ذكرنا لهذا المعنى ، وإنما كان تخيير رسول الله صلى الله عليه وسلم لكعب بين الهدي ، وإن كان قد علم أنه لا يقدر عليه ، وبين ما سواه مما في الآية ، لأن الآية لم يرد بها كعب خاصة ، إنما أريد بها الناس جميعا ، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم تبيان حكمها للناس جميعا ، فذكر الأصناف التي يخيرون بينها .

                  [ ص: 266 ] وأما ما ذكرنا من اختلافهم عن كعب في الآصع ، فروى بعضهم عنه أنها من الحنطة ، وروى بعضهم أنها من التمر ، فإنهم لم يختلفوا أن عليه قبل أدائها كفارة ، وأجمعوا أنه إذا أدى عنها ثلاثة آصع من حنطة أنها مجزئة ، وأن الكفارة عنه ساقطة .

                  واختلفوا فيه إذا أدى عنها ثلاثة آصع من تمر ، فقال بعضهم : يجزئ كما تجزئ الحنطة وممن قال ذلك منهم الشافعي وقال بعضهم : لا يجزئ مما يجزئ منه الحنطة وممن قال ذلك منهم أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد فكان الأولى بنا أن لا تسقط عنه الكفارة إلا بما يجمعون على إسقاطها به عنه ، كما قال أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد بن الحسن في ذلك .

                  وأما قوله عز وجل : ( فإذا أمنتم ) ، فالمراد بذلك عندنا - والله أعلم - فإذا خرجتم مما كنتم فيه من الإحصار .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية