قال  أبو جعفر   : وقد رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في حجة الوداع ، أن يرملوا في طوافهم عند قدومهم مكة  في الثلاثة الأشواط الأول من الطواف الأول وروي عنه في ذلك ما : 
 1328  - قد حدثنا محمد بن خذيمة  ، وفهد بن سليمان  ، قالا : حدثنا  عبد الله بن صالح  ، قال : حدثني  الليث بن سعد  ، قال : حدثني  ابن الهاد  ، عن  جعفر بن محمد  ، عن أبيه ، عن  جابر بن عبد الله  ، قال : طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع سبعا ، رمل منهن ثلاثا ومشى أربعا .  
 1329  - وما قد حدثنا  الربيع بن سليمان المرادي  ، قال حدثنا  أسد بن موسى ،  قال حدثنا  حاتم بن إسماعيل  ، قال حدثنا  جعفر بن محمد  ، عن أبيه ، عن  جابر بن عبد الله   [ ص: 107 ] عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر مثله سواء . 
فكان ذلك مما وكده فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه ، وأجمع المسلمون عليه ، ولم يرخصوا لأحد في تركه إلا النساء ، فإنهم جميعا مجمعون على أنه لا رمل عليهم ،  وغير  عبد الله بن عباس  ، فإنه قد روي عنه أن الرمل في الطواف بالبيت ليس من السنة .  
 1330  - كما قد حدثنا  الربيع بن سليمان المرادي  ، قال حدثنا  أسد بن موسى ،  قال حدثنا  حماد بن سلمة  ، عن أبي عاصم الغنوي ،  عن  أبي الطفيل ،  قال : قلت  لابن عباس   : يزعم قومك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رمل بالبيت ، وأن ذلك سنة ؟ قال : صدقوا وكذبوا قلت : ما صدقوا وما كذبوا ؟ قال : صدقوا ، قد رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت وكذبوا ، ليست بسنة إن قريشا  قالت زمن الحديبية :  دعوا محمدا  وأصحابه حتى يموتوا موت النغف فلما صالحهم على أن يجيء في العام المقبل فيمكثوا ثلاثة أيام بمكة ،  فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمشركون على جبل قعيقعان ،  فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه : ارملوا ثلاثا ، وليست بسنة .  
 1331  - وكما قد حدثنا  إبراهيم بن مرزوق  ، قال حدثنا حجاج بن نضير ،  قالحدثنا قطرب بن خليفة ،  عن  أبي الطفيل ،  قال : قلت  لابن عباس   : يزعم قومك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمل بالبيت ، وأنها سنة ؟ قال : صدقوا وكذبوا ، قد رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت ، وليست بسنة ، ولكن قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة  والمشركون على قعيقعان ، وبلغه أنهم يقولون : إن به وبأصحابه هزلا فقال لأصحابه : ارملوا ، أروهم أن بكم قوة .  
 [ ص: 108 ] فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمل من الحجر الأسود إلى الركن اليماني ، فإذا توارى عنهم مشى ولما رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثلاثة الأشواط من طوافه بالبيت في حجته لا بحضرة عدو ، ثبت بذلك أن رمله الذي كان منه قبل ذلك في الثلاثة الأشواط الأول من الطواف لعمرته بحضرة العدو ، ولم يكن ذلك للعدو ، وإنما كأنه من سنة ذلك الطواف وهكذا كان  أبو حنيفة  ،  وزفر  ،  وأبو يوسف  ،  ومحمد بن الحسن  ، وسائر أهل العلم ، سوى  ابن عباس  ومن تابعه عليه ، يقولون في هذا . 
وهذا الرمل فإنما هو على الرجال خاصة دون النساء في أول طواف يطوفه الحاج في حجته ، ويطوفه المعتمر لعمرته .  
وينبغي لمن أراد الطواف بالبيت من الرجال ومن النساء أن يفتتح الطواف من الحجر الأسود ، فيستلمه إن قدر على ذلك ، أو يستقبله ، ويكبر ، ويرفع يديه كما يفعل عند افتتاح الصلاة ، ثم يمضي في طوافه ، ثم لا يمر به بعد ذلك في طوافه إلا استلمه إن قدر على ذلك ، واستقبله ، وكبر ، ورفع يديه في تكبيره ذلك . 
				
						
						
