وينبغي لمن وقف بعرفة  بعد الزوال من يوم عرفة من الحاج أن لا يفيض منها حتى تغرب الشمس ، فإنه إن أفاض منه قبل ذلك فقد اختلف أهل العلم في حكمه ، فطائفة منهم تقول : قد فسد حجه ويروون في ذلك عن  عبد الله بن الزبير  ما : 
 1438  - قد حدثنا محمد بن خزيمة  ، قال حدثنا حجاج  ، قال حدثنا  يزيد بن إبراهيم  ، قال حدثنا  عبد الله بن أبي مليكة ،  قال : كان  عبد الله بن الزبير  يخطبنا فيعلمنا  [ ص: 157 ] المناسك ، فيقول : أن لا كل عرفات موقف ، يرددها ثلاثا ، وإذا أفاض الإمام أفاض : أن لا ولا صلاة إلا بجمع ، يرددها ثلاثا ، حتى إذا كان من الغد صلى صلاة معجلة ، ثم وقف إلى الصلاة المصبحة : أن لا ولا يكون أحدكم قد أنفق ماله ، وأصابه الحر والبرد ، فيفيض قبل الإمام أو قبل الناس فيفسد حجه .  
وطائفة منهم تقول : لا يفسد حجه بذلك ، ولكن يكون عليه دم لما نزل من الوقوف الذي قد كان وجب عليه لما دخل فيه ، أن لا يخرج منه إلا بعد انقضاء وقته هذا قول  أبي حنيفة  ،  وأبي يوسف  ،  ومحمد بن الحسن  حدثنا بذلك من قولهم سليمان بن شعيب  ، عن أبيه ، عن  محمد بن الحسن  ، عن  أبي يوسف  ، عن  أبي حنيفة  ، عن محمد ،  عن  أبي يوسف  ، وعن أبيه ، عن محمد  بما ذكرناه عنهم من ذلك وقد روي هذا القول أيضا عن  عطاء بن أبي رباح   . 
 1439  - حدثنا محمد بن خزيمة  ، قال حدثنا حجاج  ، قال حدثنا حماد  ، عن  ابن جريج  ، عن  عطاء  ، قال : من أفاض من عرفة قبل أن تغيب الشمس فليهرق دما .  
ولما اختلفوا في ذلك ، وكان الوقوف بعرفة  في يوم عرفة قبل غروب الشمس أفضل من الوقوف بها في الليل ،  وكان الوقوف بها في الليل يجزئ منه أقل القليل ، كان الوقوف بها بالنهار أحرى أن يجزئ منه إلا بعد خروج وقته ، فإذا خرج منه قبل ذلك كان مقصرا ، ووجب عليه ما يجب على المقصر في أشكاله في أمور الحج وهو الدم . 
وقد ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث عروة بن مضرس ،  أنه قال : من صلى معنا صلاتنا هذه ، وقد أتى عرفة قبل ذلك من ليل أو نهار فقد تم حجه ، وقضى تفثه فعقلنا بذلك أن من وقف بعرفة  ساعة من نهار أنه ممن قد تم حجه وليس معنى تم حجه إلا شيء عليه من حجه ، غير وقوفه الذي كان ، إنما معناه فقد تم حجه أي لأنه لا يفوته بعد ذلك شيء إن تركه منه كما قد روي عنه صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي ،  أنه قال : الحج عرفة ، فلم يكن ذلك على أن الحج  [ ص: 158 ] ليس إلا عرفة خاصة ، لأن فيه ما سواها من الطواف ، ومن الوقوف بالمزدلفة ، ومن الأشياء التي لا بد منها للحاج ، ولكن كان معنى ذلك الحج عرفة ، أي أن عرفة إذا فاتت فات الحج ، وما سواها من أمور الحج مما له وقت معلوم ، أو مما الدهر له وقت بقضاء أو يجب الدم مكانه . 
وقد روي عن  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه في أمر عرفة كنحو ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه . 
 1440  - حدثنا محمد بن خزيمة  ، قال حدثنا حجاج  ، قال حدثنا حماد  ، عن الحجاج  ، عن إبراهيم  ، عن  الأسود  ، أن  عمر  كان بالمزدلفة ، فجاءه أعرابي ، فقال : إني لم أقف بعرفة  ، فقال له  عمر   : اذهب فقف ، فإني انتظرك ، فلما أصبح جعل يقول : أجاء الأعرابي ؟ أجاء الأعرابي ؟ فلما جاء أفاض .  
وقد روي عن  عبد الله بن عمر  في الوقوف بعرفة  مثل ذلك . 
 1441  - حدثنا محمد بن خزيمة  ، قال حدثنا حجاج  ، قال حدثنا حماد  ، عن  حميد  ، عن بكر ،  أن  ابن عمر  ، قال : من وقف بعرفة  قبل الصبح فقد أدرك   . 
				
						
						
