الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  وقد اختلف أهل العلم في الوقت الذي يقطع فيه المحرم بالعمرة التلبية ، فقال بعضهم : إن كانت عمرته من التنعيم فإنه يقطع التلبية حين يرى البيت ، وإن كانت عمرته من بعض المواقيت فإنه يقطع التلبية إذا انتهى إلى الحرم وممن قال بذلك منهم مالك بن أنس ، حدثنا بذلك يونس بن عبد الأعلى ، قال أخبرنا ابن وهب ، عن مالك ، بذلك .

                  ولا وجه لهذا التفريق عندنا ، لأنا رأينا أفعال العمرة كلها تستوي أحكامها من حيث أحرم بالعمرة ، لا يختلف في ذلك حكم العمرة التي أحرم بها من المواقيت .

                  وقال بعضهم : يلبي المحرم بالعمرة من حيث أحرم بها إلى أن يستلم الحجر ، ثم يقطع التلبية لها حينئذ وممن قال ذلك منهم أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد ، فيما حدثنا سليمان بن شعيب ، عن أبيه ، عن محمد ، عن أبي يوسف ، وعن أبيه ، عن محمد ، بما ذكرناه عن كل واحد منهم في ذلك ، وهو قول الشافعي أيضا .

                  فأما ما روي عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك فيما :

                  1618 - قد حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج ، قال حدثنا حماد ، قال أخبرنا قيس ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، أنه كان يلبي في العمرة حتى يستلم الحجر .

                  1619 - وما قد حدثنا يونس ، قال أخبرنا ابن وهب ، أن مالكا ، حدثه عن نافع ، عن ابن عمر ، أنه كان يقطع التلبية ، يعني في العمرة ، إذا دخل الحرم .

                  ولا نعلم عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غيرهما في ذلك شيء ، فنظرنا فيما اختلف فيه من ذلك ، فرأينا عروش مكة ، وروية البيت ، وبلوغ الحرم ، لا يقطع شيء من ذلك التلبية في الحج ، فعقلنا بذلك أن رويتها في العمرة لا تقطع التلبية أيضا ولما انتفى أن تقطع التلبية في العمرة ، ولم يكن في هذا الباب إلا القولين اللذين رويناهما عن ابن عباس ، وابن عمر فيه ، فانتفى أحدهما ، وثبت الآخر .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية