ولما اختلفوا في ذلك ، وكان الطلاق الذي يوجب الرجعة غير مزيل لحقوق النكاح من الميراث ، ومن ارتجاع النساء المطلقات بغير اختيارهن ، ومن وجوب ذلك عليهن ، ورجوعهن به إلى ما كن عليه قبل الطلاق بلا صدقات تجب لهن على الأزواج المراجعين بذلك ، ولم يجعل ذلك في حكم استئناف النكاح ، دل ذلك أن النكاح الأول قائم بعد الطلاق ، غير منقطع دون الخروج من العدة ، وكن لو خرجن من العدة وقعت البينونة ، وزال النكاح ، فلم يعدن أزواجا إلا بما كن به أزواجا لو لم يكن عليهن عقد  [ ص: 329 ] نكاح قبل ذلك ، وأن إلى الأزواج المطلقين قطع تلك العدد حتى لا تحدث البينونات في الطلاق ولما كان لهم ذلك بالأقوال مع الإشهاد كان لهم بالأقوال دون الإشهاد ، وبالدلائل على ما يراد بالأقوال وفي الآية ما دل على أن الإشهاد إنما هو بعد الرجعة ، لأنه عز وجل قال : ( فأمسكوهن بمعروف   ) ، أي راجعوهن بمعروف ، ( أو فارقوهن بمعروف   ) ، أي خلوا عنهن حتى يبن منكم بمعروف ، فينكحن من بدالهن ثم قال عز وجل بعد ذلك : ( وأشهدوا ذوي عدل منكم   ) ، أي على ما كان منكم من هذين الفعلين وكان أحد الفعلين قد يكون بلا إشهاد وهو الترك حتى تكون الفرقة ، كان الآخر أيضا كذلك يكون بلا إشهاد وهو المراجعة ووجدنا كل إشهاد أمر به في القرآن لمعنى قد تقدمه ، ليس مما لا بد منه ، وإنما على سبيل الندب إلى ذلك لخوف عاقبة فيه أو ما سواها كما قال عز وجل في الدين : ( واستشهدوا شهيدين من رجالكم   ) ، وإنما يكون ذلك بعد وجوب الدين ، وكما قال عز وجل ( وأشهدوا إذا تبايعتم   ) وإنما يكون ذلك بعد التبايع ، وكان الدين والبيع لو لم يشهد فيهما كانا جائزين ، كان كذلك الرجعة تكون جائزة وإن لم يشهد فيها ، وقد قال بذلك  عمران بن حصين ،  ولا نعلم له من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك مخالفا وقد قال بهذا القول غير واحد من التابعين كما : 
 1808  - حدثنا يحيى ،  قال حدثنا نعيم  ، قال حدثنا  ابن المبارك  ، قال أخبرنا سفيان  ، عن المغيرة  ، عن إبراهيم  ، وجابر  ، عن  عامر ،  قالا : إذا جامع ولم يشهد فهي رجعة وتشهد .  
 1809  - حدثنا يحيى ،  قال حدثنا نعيم  ، قال حدثنا  ابن المبارك  ، قال أخبرنا سعيد  ، عن مطر ،  عن  أبي معشر ،  عن النخعي ،  قال : غشيانه لها في العدة مراجعة .  
 1810  - حدثنا يحيى ،  قال حدثنا نعيم  ، قال حدثنا  ابن المبارك  ، قال حدثنا  [ ص: 330 ] سعيد  ، عن مطر ،  عن الحكم ،  وعطاء  ، مثله . 
 1811  - حدثنا يحيى ،  قال حدثنا نعيم  ، قال حدثنا  ابن المبارك  ، قال أخبرنا  سليمان التيمي ،  قال : سألت طاوسا  عن رجل طلق ولم يشهد ، فقال : وما حمله على ذلك ؟ قال : جهل ، ويشهد إذا علم يعني علم بجهالته .  
فهذا  طاووس  قد أمر بالإشهاد على الطلاق ،  وكما أمر بالإشهاد على الرجعة ،  لا على أن ذلك مما لا بد منه ، ومما لا يكون مطلقا إلا به . 
 1812  - حدثنا يحيى ،  قال حدثنا نعيم  ، قال حدثنا  ابن المبارك  ، قال : أخبرني معمر ،  سمع مطرا ،  يحدث عن  الحسن  ،  وابن المسيب ،  قالا : غشيانه لها في العدة مراجعة .  
فقد قال بهذا من التابعين من ذكرنا من التابعين في هذه الآثار ، ولا نعلم للمخالف لهذا القول في قوله في ذلك إماما كأحد من هؤلاء . 
				
						
						
