ولو كان هذا الزوج الذي ذكرنا لم يقذف امرأته حتى طلقها طلاقا يملك فيه رجعتها ، ثم قذفها بعد ذلك ، وخاصمته إلى القاضي قبل انقضاء عدتها ، لاعن بينهما ، لأنهما زوجان على حالهما ولو كان طلقها ثلاثا ، ثم قذفها في العدة ، أو بعد خروجها من العدة ، فإن  ابن عباس   وابن عمر  اختلفا في ذلك ، فروي عنهما فيه ما : 
 1996  - حدثنا صالح بن عبد الرحمن  ،  ويوسف بن يزيد  ، قالا : حدثنا  سعيد بن منصور  ، قال أخبرنا هشيم  ، قال أخبرنا  هشام بن حسان ،  عن حسان الأزدي ،  عن  جابر بن زيد  ، عن  ابن عمر  ، في رجل طلق امرأته ، ثم قذفها في العدة ، قال : إن كان طلقها ثلاثا جلد الحد ، وألحق به الولد ، ولم يلاعن ، وإن كان طلقها واحدة لاعنها .  
وقال  ابن عباس   : إن طلقها ثلاثا ثم قذفها في العدة لاعنها . 
قال  جابر بن زيد   : وقول  ابن عمر  أعجب إلينا مما قال  ابن عباس   . 
 1997  - حدثنا  يوسف بن يزيد  ، قال حدثنا  سعيد بن منصور  ، قال حدثنا هشيم  ، قال حدثنا هارون ، عن عمرو بن هرم ،  عن  جابر بن زيد  ، عن  ابن عمر  ،  وابن عباس  ، مثل ذلك . 
 1998  - حدثنا  ابن أبي داود  ، قال حدثنا  سليمان بن حرب ،  قال حدثنا  حماد بن زيد  ، عن القاسم بن عمرو  ، عن  جابر بن زيد  ، قال : كنت أسأل  ابن عمر  ،  وابن عباس  ، فآخذ بقول  ابن عباس   : وأدع قول  ابن عمر  إلا في هذا ، فإني آخذ بقول  ابن عمر  ، وتركت قول  ابن عباس  في رجل طلق امرأته ثلاثا ، ثم قذفها في العدة ، قال : يلاعنها .  
وقال  ابن عمر   : إن طلقها واحدة أو اثنتين ثم قذفها في العدة لاعنها ، وإن طلقها ثلاثا ثم قذفها في العدة جلد .  
فأما  أبو حنيفة  ،  وأبو يوسف  ، ومحمد  فكانوا يذهبون في هذا إلى قول  ابن عمر  وأما  الشافعي  فكان يذهب في القذف بالولد إلى أنه يلاعن به ، وينتفي عنه ، ويلحق بأمه ، ويستوي في ذلك ثبوت المرأة في العدة وخروجها منها عنده ،  وابن عباس  فإنما قصد بجوابه  [ ص: 434 ] إلى المطلقة ثلاثا التي لم تخرج من العدة . 
ولما اختلفوا في ذلك نظرنا فيه ، فوجدنا الله عز وجل قد أوجب في قذف المحصنات اللائي ليس بزوجات لمن قذفهن ، ما ذكره في قوله عز وجل : ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء   ) الآية . 
وأوجب في قذف الزوجات ما ذكره في قوله : ( والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم   ) الآية فكان ما أوجب عز وجل في قذف المحصنة غير الزوجة لقاذفها ، غير الذي أوجب للزوجة على زوجها القاذف وكان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثا قد زال نكاحه عنها ، وصار غير زوج لها ، فكان قذفه لها إنما هو قذف المحصنة غير زوجة لا قذف لزوجة ، فوجب أن يكون الواجب عليه في ذلك القذف هو الذي ذكره الله عز وجل في آية قذف المحصنات غير الزوجات . 
				
						
						
