الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  ولما استدللنا في كتابنا هذا أن السبيل إلى الحج هي الوصول إليه ، كان من كان غير واصل إلى الحج ممن لم تلحقه فريضة الحج بالكتاب ، ولكن لحقته بالسنة . فكان حكمه في حج غيره عنه كحكمه في حجه عن نفسه لو كان قادرا على ذلك . وثبت بما في كتاب الله عز وجل ، الحج على الواصلين . وثبت بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج على العاجزين الواجدين من يحج عنهم . ولم يعد ذلك المكلفين البالغين الأصحاء العقول الأحرار من الرجال .

                  فأما النساء فإنهن لا يكن واجدات للسبيل إلا بما ذكرنا وبوجود الأزواج ، أو ذوي المحارم المحرمات الذين يخرجون معهن . لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما روي عنه ما :

                  1130 - قد حدثنا يونس ، قال حدثنا سفيان ، عن عمرو سمع أبا معبد مولى ابن عباس يقول : قال ابن عباس : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فقال : لا تسافر امرأة إلا ومعها ذو محرم ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها ذو محرم . فقام رجل فقال : يا رسول الله إني قد اكتتبت في غزوة كذا وكذا ، وقد أردت أن أحج امرأتي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : احجج مع امرأتك .

                  1131 - وما قد حدثنا يونس أيضا ، قال حدثنا ابن وهب ، قال حدثنا ابن جريج ، عن عمرو بن دينار .

                  وما قد حدثنا أبو بكرة ، حدثنا أبو عاصم ، قال أخبرنا ابن جريج ، قال : أخبرني عمرو بن دينار ، عن أبي معبد ، عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر مثله .

                  قال أبو جعفر : فدل ذلك أن المرأة يحرم عليها السفر إلا مع زوجها أو مع من سواه ممن يكون في السفر معها كزوجها من ذوي أرحامها المحرمات عليها .

                  [ ص: 16 ] ولما لم يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل عن ذلك الحج هل هو فريضة أو تطوع ، دل ذلك على استواء حكمها عنده في حاجة المرأة إلى الزوج أو إلى ذوي الرحم المحرمة فيهما . وعلى أنه ليس للمرأة أن تسافر إلى كل واحد منهما إلا على ما تسافر به إلى الآخر منهما . ودل ذلك على أن المرأة إذا عدمت ذلك فليست من مستطيعي السبيل . غير أنه لم يوقت لنا في السفر المذكور في هذا الحديث وقتا . ووجدنا ما سواه قد ذكر لنا فيه وقت . وقد روينا ذلك فيما تقدم من كتابنا هذا . وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تسافر امرأة سفرا ثلاثة أيام فصاعدا إلا ومعها زوجها أو ابنها أو أخوها أو ذو محرم منها " .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية