الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  ووجدنا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه جعل حرمة الرضاعة كحرمة الولادة ، وروي عنه في ذلك صلى الله عليه وسلم ما :

                  1132 - قد حدثنا يونس ، وبحر قالا حدثنا ابن وهب ، قال أخبرني مالك عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عمرة ، أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرتها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عندها ، وأنها سمعت صوت رجل يستأذن في بيت حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت عائشة : فقلت يا رسول الله ، هذا رجل يستأذن في بيتك ؟ فقال : أتراه فلان لعم حفصة من الرضاعة . قالت عائشة : يا رسول الله لو كان فلان لعم لها من الرضاعة حيا ، دخل علي ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم ، إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة .

                  1133 - وما قد حدثنا يونس ، قال حدثنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن هشام بن عروة ، عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت : جاء عمي من الرضاعة فاستأذن علي ، فأبيت أن آذن له حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم . فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك فقال : إنه عمك فأذني له . قالت : فقلت يا رسول الله ، إنما أرضعتني المرأة ، ولم يرضعني الرجل! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه عمك فليلج عليك . قالت عائشة : وذلك بعدما ضرب الحجاب .

                  [ ص: 17 ] وقالت عائشة : يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة .

                  قال أبو جعفر : وفي هذا الباب أحاديث كثيرة أخرناها لنذكرها عند تأويل قوله : ( وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة ) من كتابنا هذا إن شاء الله .

                  وفيما ذكرنا من حديثي عائشة هذين ما قد دل على أن الحرمة بالرضاع من الرجل ومن المرأة سواء . وأن ذلك يكون في الحرمة من كل واحد منهما في حكم الحرمة بالأنساب ، والأرحام المحرمات . وما يدل أن كل ذي رضاع لو كان مكان النسب الذي وجب له الرضاع ذا نسب يحل له به السفر بالمرأة ، إنه إذا كان كذلك من الرضاع حل له السفر بها ، وحل لها السفر معه ، فهكذا نقول ، إلا أن يكون مخوفا عليها منه ، فإنه إن كان ذلك كذلك وجب عليها الاحتراز منه في السفر والحضر جميعا . وهكذا حدثنا سليمان بن شعيب عن أبيه عن محمد بن الحسن مما لم نجد فيه خلافا بينه وبين أصحابه .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية