الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  تأويل قوله تعالى : ( وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا ) الآية .

                  قال الله عز وجل : ( وما تفعلوا من خير يعلمه الله ، وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ) فأباحهم عز وجل أن يتزودوا . لأن ذلك قوام أبدانهم حتى يصلوا إلى حجهم وقد روي عن مجاهد في ذلك ما :

                  [ ص: 36 ] 1179 - قد حدثنا محمد بن زكرياء ، قال حدثنا الفريابي ، قال حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله عز وجل ( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ) ، قال : كان أهل الآفاق يخرجون إلى الحج يتوصلون الناس بغير زاد ، فأمروا أن يتزودوا .

                  فكان الذي في هذا الحديث من المراد بالبر المذكور في هذه الآية هو التزود في الحج وقد يجوز أن يكونوا كانوا ممنوعين من ذلك حتى أطلق وأبيح لهم بهذه الآية التزود في الحج . ولما كان ترك التزود فيه المسألة المنهي عنها كان خلافه مما فيه ترك المسألة أولى بالحاج . ولما كانت المسألة قبل الحج حراما على الأغنياء ، كانت في الحج أوكد حرمة . وقد روي عن سعيد بن جبير في ذلك ما :

                  1180 - قد حدثنا محمد بن زكرياء ، قال حدثنا الفريابي ، قال حدثنا سفيان ، عن محمد بن سوقة ، عن سعيد بن جبير في قوله عز وجل : ( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ) قال : الكعك ، والسويق ، والدقيق وليس هذا عندنا من سعيد بن جبير عن أن هذه الأصناف من الأزواد هي التي أبيحت في الحج دون ما سواها ، ولكنه على إفهام السائل : أن المراد هو الزاد الذي يتزود الناس به لقوام أبدانهم ، لا على التزود من الأعمال . ثم اتبع ذلك عز وجل بقوله : ( فإن خير الزاد التقوى ) . فكان ذلك عندنا - والله أعلم - من النفوس ترك التعرض بحال من الأحوال يخرج أهلها إلى المسألة المحرمة عليهم .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية