الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  فإن قال قائل : فقد روي عن عائشة إباحة المرأة تغطية وجهها في الإحرام ، وذكر في ذلك ما :

                  1209 - قد حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج بن منهال ، قال حدثنا حماد ، عن أم شبيب العبدية ، أن عائشة ، قالت : المحرمة تغطي وجهها إن شاءت .

                  قيل له : هذا عندنا على التغطية بالسدل على الوجه ، لا على التغطية بما سواه كما روي عن عائشة في غير هذا الحديث .

                  1210 - حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال حدثنا أسد ، قال حدثنا أبو عوانة ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن مجاهد ، عن عائشة ، قالت : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن محرمون ، إذا مر بنا ركب سدلنا الثوب على وجوهنا سدلا ، فإذا جاوز رفعناه .

                  والدليل على ما ذكرنا من ذلك ، أن عائشة قد كانت تكره النقاب للمحرمة ، وتنهاها عنه وروت ذلك عنها أم شبيب هذه .

                  [ ص: 47 ] .

                  1211 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج ، قال حدثنا حماد ، عن أم شبيب العبدية ، عن عائشة : أن امرأة سألتها ، ما تلبس المحرمة ؟ فقالت : الخفين ، والقفازين ، والسراويل ، ونهت عن الكحل والنقابوقد روى ذلك عن عائشة عطاء بن أبي رباح .

                  1212 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج ، قال حدثنا حماد ، قال أخبرنا حبيب المعلم ، عن عطاء ، أن عائشة كانت تكره للمحرمة أن تطوف بالبيت وهي منتقبة .

                  فدل ما ذكرناه على أن عائشة قد كانت تكره تغطية الوجه للمحرمة بالنقاب على مثل ما كان عليه غيرها ، وإن الذي أباحت من تغطية الوجه هو الذي رواه مجاهد عنها ، أنها كانت تفعله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسدال الثوب على وجهها عند مرور الركب بها وقد روي في ذلك عن ابن عمر ما :

                  1213 - حدثنا حجاج ، قال حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون ، عن محمد بن المنكدر ، قال : رأى ابن عمر امرأة قد سدلت ثوبها على وجهها وهي محرمة ، فقال لها : اكشفي وجهك ، فإنما حرمة المرأة في وجهها .

                  فهذا ابن عمر قد كان يكره للمحرمة سدل الثوب على وجهها ، فدل ذلك أنه قد كان يكره تغطية الوجه لها كما ذكرنا أيضا ، وكان ما روي عن مجاهد ، عن عائشة في إباحة المرأة السدل على وجهها في الإحرام أولى عندنا لفعلها ذلك كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم لإطلاق القياس إياه ، وذلك إنا قد رأينا الرجل المحرم مطلقا له أن يجافي الثوب عن وجهه يستر به الريح والشمس عنه من غير أن يضعه على رأسه الذي يمنعه الإحرام من وضعه عليه ، وكانت المرأة مباحا لها تغطية رأسها في الإحرام ، فكان لها وضعه على رأسها وسدله من رأسها على وجهها ، لأنها تسدله من موضع مباح لها وضعه عليه ، وهي في ذلك كالرجل الذي يواري وجهه من المواضع المباح له مواراته إياه منه .

                  [ ص: 48 ] وهكذا كان أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد يقولونه في هذا فيما حدثنا سليمان ، عن أبيه ، عن محمد ، عن أبي حنيفة ، وأبي يوسف قال محمد : وهو قولنا .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية