الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  وقد اختلف أهل العلم في الظلال للرجال المحرمين على رواحلهم ، فأباح ذلك بعضهم ، وممن أباح ذلك منهم : أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد ، ولم يجعلوا ذلك مما يحظره الإحرام على الرجال المحرمين .

                  ومنع من ذلك بعضهم وممن منع ذلك منهم : مالك وكثير من أهل المدينة وجعلوا ذلك مما حظره الإحرام على الرجال المحرمين ، ولم يختلفوا جميعا في إباحة الظلال للنساء المحرمات ، وقد روي عن مالك إباحة الظلال للرجل المحرم إذا كان زميله امرأة محرمة ، حدثنا بذلك من قوله عبد العزيز بن محمد بن الحسن بن زبالة المدني ، قال حدثنا هارون بن موسى الفروي ، عن المغيرة بن عبد الرحمن ، عن مالك ، بما ذكرناه عنه من ذلك .

                  ولما اختلفوا في ذلك اختلافهم فيه في هذا الباب ، ووجدنا الإحرام لا يحظر على المحرم دخول البيوت ، والقعود فيها ، ولا دخول الأخبية ، ولا القعود فيها ، كان القياس على ذلك أن لا يكون الإحرام أيضا يحظر عليه التظليل عليه فوق راحلته ، وقد وجدنا ظهور الرواحل قد خفف فيها ما لم يخفف فيما سواها ، فجعل للرجل أن يصلي التطوع على راحلته إيماء حيث كان وجهه ، لم يجعل ذلك له وهو على الأرض ، فلما كان ظهور الرواحل فيما ذكرنا مخففا فيه ما لم يخفف فيما سواه ، ورأينا الظلال على ما سواه مباحا للمحرم ، كان الظلال عليه أولى بالإباحة ، فثبت بذلك أن الظلال على الراحلة مباح للمحرم ، وأنه مما لم يحظر الإحرام عليه .

                  فإن قال قائل : فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على فضل الإضحاء وترك التظليل للمحرم ، وذكر في ذلك ما :

                  1214 - حدثنا الربيع بن سليمان الجيزي ، قال حدثنا مطرف ، بن عبد الله بن عمر العمري عن عاصم بن عمر ، عن عاصم بن عبيد الله ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة ، عن جابر بن عبد الله ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من محرم ضحى للشمس حتى تغرب إلا غربت بذنوبه كيوم ولدته أمه .

                  فكان من الحجة لأهل القول الأول على المحتجين عليهم بهذا الحديث ، أن هذا .

                  [ ص: 49 ] الحديث ليس مما تقوم بمثله الحجة لما يتكلم أهل العلم بالأسانيد في رواية من دون عبد الله بن عامر وفوق مطرف ، ثم لو ثبت لما كان فيه ما يدل على ما قالوا ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل لنا في هذا الحديث : ما من محرم يضحى للشمس فلما كان الإضحاء للشمس على غير الراحلة ليس هو التجرد للشمس على الراحلة ليس هو ترك الاستظلال عليها بما يستظل به على مثلها .

                  فقد حظر الله عز وجل في الإحرام على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس الثياب التي قد مسها الورس والزعفران .

                  1215 - فحدثنا يزيد بن سنان ، قال حدثنا أبو داود الطيالسي ، وأبو صالح ، كاتب الليث ، قالا : حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن الزهري ، عن سالم ، عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تلبسوا ثوبا مسه ورس أو زعفران ، يعني في الإحرام .

                  1216 - وحدثنا يونس ، قال حدثنا ابن وهب ، أن مالكا ، حدثه ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مثله .

                  1217 - وحدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج ، قال حدثنا حماد بن سلمة ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .

                  1218 - وحدثنا علي بن شيبة ، قال حدثنا أبو نعيم ، قال حدثنا سفيان ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية