الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  وقالت طائفة منهم : الكلب العقور هو الكلب الذي تعرفه العامة وممن قال ذلك منهم أبو حنيفة ، وزفر ، وأبو يوسف ، ومحمد ، وقالوا : لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حظر ما أباح قتله بعدد معلوم ، وكنا لو جعلنا الكلب الذي أراده فيه كلما عقر ، من سبع ومن غيره ، دخل في ذلك العدد ما هو أكثر من الخمس التي سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ، وحظر ما أباح بها .

                  قالوا : وقد وجدنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يعقر سوى هذه الخمس ، أنه جعل فيه الجزاء إذا قتله المحرم فمن ذلك ما روي عنه في الضبع :

                  1237 - حدثنا يزيد بن سنان ، قال حدثنا وهب بن جرير ، وحبان بن هلال ، وشيبان بن فروخ ، وهدبة بن خالد ، قالوا : حدثنا جرير بن حازم .

                  وحدثنا علي بن شيبة ، قال حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي ، وحدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج بن منهال ، قالا : حدثنا جرير بن حازم ، ثم اجتمعوا جميعا ، فقالوا قال حدثنا عبد الله بن عبيد بن عمير ، قال حدثنا ابن أبي عمار ، عن جابر بن عبد الله ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الضبع ، فقال : هي من الصيد وجعل فيها إذا أصابها المحرم كبشا .

                  1238 - حدثنا صالح بن عبد الرحمن ، قال حدثنا سعيد بن منصور ، قال حدثنا هشيم ، عن منصور بن زاذان ، عن عطاء ، عن جابر ، قال : قضى في الضبع إذا قتله المحرم بكبش .

                  قالوا : فعقلنا بذلك أنه لم يرد بالكلب العقور ما عقر من الكلاب وغيرها ، وأنه إنما أريد الكلب المعروف المراد في قوله صلى الله عليه وسلم : من اقتنى كلبا إلا كلب [ ص: 58 ] صيد أو ماشية نقص من أجره كل يوم قيراط .

                  والمراد في قوله : إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات ، والمراد في أمره بقتل الكلاب ، إذ كانت الضبع أشد عقرا ، وأدنى إلى قتل الناس ، وأكل لحومهم ، وشرب دمائهم من الكلب العقور وقالوا : لو كان المراد بالكلب العقور هو الأسد ، كما في حديث أبي هريرة ، يخرج الكلب الذي يبلغ في أفعاله ببني آدم من ذلك الحديث ، فلم يدخل فيه ، لأنه إذا قصد به إلى ما هو أعلى الجناة على بني آدم لم يلحقه ما هو أدنى منه في الجناية عليهم ، وهذا عندنا كلام صحيح .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية