وكان بعضهم يقول : يصليهما بأذان واحد وإقامتين كما يجمع بين الصلاتين بعرفة  وهذا قول أهل مكة  وأهل المدينة  جميعا وقد روي في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ما : 
 1430  - قد حدثنا  الربيع بن سليمان المرادي  ، قال حدثنا  أسد بن موسى ،  قال حدثنا  حاتم بن إسماعيل  ، قال حدثنا  جعفر بن محمد  ، عن أبيه ، عن  جابر بن عبد الله   [ ص: 153 ] في حديثه عن حجة النبي صلى الله عليه وسلم ، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أتى مزدلفة صلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين .  
وكان بعضهم يقول : يصليهما بأذان واحد وإقامة واحدة وممن قال ذلك منهم  أبو حنيفة  ،  وأبو يوسف  ،  ومحمد بن الحسن  ، حدثنا بذلك من قولهم سليمان بن شعيب  ، عن أبيه ، عن  محمد بن الحسن  ، عن  أبي يوسف  ، عن  أبي حنيفة  ، وعن أبيه ، عن محمد ،  عن  أبي يوسف  ، وعن أبيه ، عن محمد  ، بذلك . 
وقد روي في ذلك ما : 
 1431  - قد حدثنا محمد بن خزيمة  ، قال حدثنا  حجاج بن منهال  ، قال حدثنا  حماد بن سلمة  ، عن عبد الله بن عثمان بن خيثم ،  عن  يوسف بن ماهك ،  قال : وقفت مع  ابن عمر  بعرفة  ، فلما أتى جمعا جمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد .  
ففي هذا الحديث تأذين  ابن عمر  للجمع بين هاتين الصلاتين وقد حضر جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما في حجته هناك ، فاستحال عندنا أن يكون يزيد  على ما قد كان رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله ، إلا وقد ثبت عنده ما تجب له به الزيادة على ذلك إما من حديث حدثه غيره به عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر بالأذان فيهما ، أو بحديث حدثه غيره أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم أذن فيهما ، ولا يكون ذلك مأخوذا من الرأي ، ولا مستخرجا بقياس ثم تأملنا ما روي في ذلك عن  عبد الله بن عمر  سوى ما تقدمت روايتنا إياه عنه في هذا الباب ، هل فيه ما يدل على السبب الذي كان تأذينه في الجمع لهاتين الصلاتين ، ما هو ؟ فوجدنا أحمد بن محمد بن سلام البغدادي العطار :  
 1432  - قد حدثنا ، قال حدثنا بشر بن الوليد القاضي ،  قال أخبرنا  شريك بن عبد الله  ، عن  سلمة بن كهيل ،  عن  سعيد بن جبير  ، عن  ابن عمر  ، أنه صلى بهم بجمع بأذان وإقامة ، صلى المغرب ، ثم قال : الصلاة ، فصلى العشاء ركعتين .  
 [ ص: 154 ] فقيل له في ذلك ، فقال : هكذا صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . 
فكان في هذا الحديث إخبار  عبد الله بن عمر  أن تأذينه كان في الجمع بين هاتين الصلاتين اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم كان في ذلك ، وامتثالا منه لفعله كان فيه وهذا خلاف ما قد رويناه فيما تقدم منا من هذا الباب عن الثوري ، وشعبة ، عن سلمة بن كهيل ، عن  سعيد بن جبير  ، عن  ابن عمر  في ذلك . 
ولما اختلفوا في ذلك كما ذكرنا عنهم ، ووجدنا الصلاتين بعرفة  تجمعان بأذان واحد وإقامتين ، كانت الصلاتان بمزدلفة في القياس أيضا كذلك تجمعان بأذان واحد وإقامتين كما قال أهل مكة  وأهل المدينة  في ذلك . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					