وقالت طائفة : إلى الحكمين إذا أقامهما الإمام مقام التحكيم ، أن يفرقا إذا رأيا ذلك ، جعله الزوج أو لم يجعله وقد روي هذا عن  ابن عباس  كما : 
 2009  - حدثنا محمد بن الحجاج الحضرمي ،   وعلي بن عبد الرحمن بن المغيرة  ، قالا : حدثنا  عبد الله بن صالح  ، قال : حدثني  معاوية بن صالح ،  عن علي بن أبي طلحة  ، عن  ابن عباس  ، في قوله عز وجل : ( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها   )   : فهذا الرجل والمرأة إذا تفاسد الذي بينهما ، فأمر الله عز وجل أن يبعثوا رجلا صالحا من أهل الرجل ، ورجلا مثله من أهل المرأة ، فينظران أيهما المسيء ، فإن كان الرجل هو المسيء حجبا عنه امرأته ، وقصراه على النفقة وإن كانت المرأة هي المسيئة قصروها على زوجها ، ومنعوها النفقة فإن أجمع رأيهما على أن يفرقا أو يجمعا فأمرهما جائز . 
 [ ص: 444 ] قال أحمد   : وليس لواحد منهما في ذلك إمضاء شيء مما بعثا له حتى يتابعه الآخر عليه وقد روي هذا عن علي  كما : 
 2010  - حدثنا عبد الملك بن مروان الرقي ،  قال حدثنا  أبو معاوية الضرير ،  عن الحجاج  ، عن  أبي إسحاق  ، عن الحارث ،  عن علي  ، قال : إذا حكم أحد الحكمين ولم يحكم الآخر فليس حكمه بشيء حتى يجتمعا .  
وقد روي عن جماعة من التابعين اختلاف فيما ذكرنا ، مما اختلف فيه علي  ،  وابن عباس  فمن ذلك ما : 
 2011  - حدثنا  يوسف بن يزيد  ، قال حدثنا سعيد  ، قال حدثنا هشيم  ، قال أخبرنا حصين ،  عن  الشعبي ،  أن امرأة نشزت على زوجها ، فاختصما إلى شريح ،  فقال شريح :  ابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها فبعثوا ، فنظر الحكمان في أمرهما ، فرأيا أن يفرقا ، فكره ذلك الرجل ، فقال شريح : فيم كانا هذا اليوم ؟ وأجاز قولهما :  
 2012  - حدثنا يوسف ،  قال حدثنا سعيد  ، عن هشيم  ، قال أخبرنا  إسماعيل بن أبي خالد ،  قال : سمعت  الشعبي ،  يقول : ما حكم الحكمان من شيء فهو جائز إن فرقا وإن جمعا .  
 2013  - حدثنا يوسف ،  قال حدثنا سعيد  ، عن هشيم  ، عن عبيدة ،  عن إبراهيم  ، مثل ذلك . 
 2014  - حدثنا  إبراهيم بن مرزوق  ، قال حدثنا  وهب بن جرير  ، قال حدثنا  شعبة  ، عن  عمرو بن مرة  ، قال : سألت  سعيد بن جبير  عن الحكمين ، فقال لم أدرك إذ ذاك فقلت : إنما أسألك عن الحكمين اللذين في القرآن قال : يبعث بحكم من أهله وحكم من  [ ص: 445 ] أهلها ، فيكلمان أحدهما ، ويعظانه ، فإن رجع وإلا كلما الآخر ، فإن رجع وإلا حكما ، فما حكما من شيء فهو جائز .  
 2015  - حدثنا روح بن الفرج ،  قال حدثنا  يوسف بن عدي ،  قال حدثنا  أبو الأحوص  ، عن  عطاء بن السائب ،  عن  سعيد بن جبير  ، في قول الله عز وجل : ( إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما   )  ، قال : هما حكمان ، وما حكما من شيء جاز . 
 2016  - حدثنا  ابن أبي مريم ،  قال حدثنا  الفريابي  ، قال حدثنا ورقاء  ، عن  ابن أبي نجيح  ، عن  مجاهد  في قوله : ( فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها   )   : إن خافوا أن لا تطيعه ، ولا تواتيه ، ولا يتركها ، فإن لم يصطلحا اختلعت ، وقبل منها مالها ، وليس الخلع إلا في مثل هذا . 
فقول  مجاهد   : فإن لم يصطلحا اختلعت دليل على أن الخلع إليهما ، لا إلى الحكمين ، وإذا كان الخلع إليهما كان الطلاق الذي يجب به إذا كان أحرى أن يكون إلى الزوج ، لا إليهما فهذا مخالف لما ذكرنا قبله عن التابعين الذين روينا عنهم إجازة قول الحكمين . 
 2017  - حدثنا أحمد بن الحسن الكوفي  ، قال حدثنا  أسباط بن محمد  ، قال حدثنا أشعث ،  عن الحكم ،  قال : إذا حكم الحكمان فاختلفا فلا حكم لهما ، فيجعل غيرهما ، وما حكما من شيء جاز .  
قال أحمد   : ولا ينبغي للإمام أن يبعث في مثل هذا إلا العدلين في شهادتهما ،  [ ص: 446 ] العالمين بالأحكام فيما يبعثهما فيه حتى يكون ما يمضي من أمرهما في ذلك على سداد واستقامة . 
ولما اختلفوا في ذلك كما ذكرنا عن علي   وابن عباس  فكان الطلاق يوجب حل النكاح ، ولم نجد الله عز وجل جعل ذلك في كتابه إلى غير الأزواج ، ثبت بذلك عندنا - والله أعلم - أن لا يخرج عن الزوج ما قد جعله الله عز وجل إليه ، إلى الحكمين إلا بإخراجه ذلك إليهما . 
فإن قال قائل : فقد رأينا اللعان يتولاه الحاكم بين الزوجين ، فيوجب الفرقة بينهما بالسبب الذي يجب به مما قد ذكرنا من أقوال العلماء بغير طلاق من الزوج ، فأمر الحكمين اللذين ذكرنا في التفريق يكون إلى الحكمين حتى يزيلا النكاح الذي بينهما : 
قيل له : أن اللعان الذي ذكرت فإنا وجدنا الزوجين لو رضيا بعد مضيه بينهما أن يقيما على النكاح لم يكن ذلك لهما : 
وكان على الإمام التفريق بينهما ، لأنهما يقيمان على معنى لا يجوز اجتماعهما معه على النكاح حتى يردا ذلك المعنى عنهما والزوجان اللذان بعث الحكمان في أمرهما ، لو أجمعا بعد نظر الحكمين في أمورهما بالإقامة على ما هما عليه لم يأخذهما الإمام بالفرقة ، وكان ما فعلاه واسعا لهما فدل ذلك أن اللعان يحرم اجتماع المتلاعنين ،  وأن الشقاق الذي ذكرنا ، والنظر الذي يكون من الحكمين لا يحرم عليهما الاجتماع . فإذا كان كذلك لم تكن الفرقة بعد ذلك إلا بما كانت تكون به قبله ، وبالله التوفيق . 
 [ ص: 447 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					