الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  وقد روي عن مجاهد وسعيد بن جبير في تأويل هذه الآية ما هو أبين من هذا المعنى فمن ذلك ما :

                  1182 - قد حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال حدثنا عثمان بن عمر بن فارس ، قال حدثنا عمر بن ذر ، عن مجاهد ، قال : كانوا يخرجون حجاجا ، لا يركبون ، ولا يتجرون ، ولا يتزودون ، فأنزل الله عز وجل : ( ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ) ، و ( يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ) .

                  فرخص لهم في الركوب والمتجر ، وأمروا بالزاد . ومن ذلك ما :

                  1183 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج بن منهال ، قال حدثنا حماد بن سلمة ، عن حميد ، عن الحسن ، عن مسلم ، عن مجاهد ، أنه قال في هذه الآية : ( ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ) ، قال : نزلت هذه الآية في أهل منى ، أمسكوا عن الشراء والبيع ، فأنزل الله عز وجل فيهم هذه الآية : ( ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ) ومن ذلك ما :

                  [ ص: 38 ] 1184 - حدثنا محمد بن زكرياء ، قال حدثنا الفريابي ، قال حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : ( ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ) قال : التجارة في الموسم أحلت لهم ، كانوا لا يتبايعون في الجاهلية بعرفة ، ولا بمنى . ومن ذلك ما :

                  1185 - قد حدثنا محمد بن زكرياء ، قال حدثنا الفريابي ، قال حدثنا سفيان ، عن محمد بن سوقة ، عن سعيد بن جبير ، قال : كان التجار يسمون الداج ، وكانوا ينزلون عن يسار مسجد منى ، وكان الحجاج ينزلون عن يمين مسجد الخيف ، وكانوا لا يحجون حتى نزلت هذه الآية : ( ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ) فحجوا .

                  فهذه الأشياء التي قد ذكرناها في هذا الباب ، وفي الباب الذي قبله من كتابنا هذا قد أباحها الله عز وجل في كتابه في الإحرام ، وجعلها في الإحرام على حكمها التي كانت عليه قبله ، ولم يحظرها على المحرمين في إحرامهم كما حظر عليهم ما سواها من الصيد الذي حرمه عليهم عز وجل في كتابه بقوله : ( وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما ) .

                  وسنأتي بذلك وبما قيل في تأويله ، وبما روي فيه وما بعد من كتابنا هذا إن شاء الله .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية