الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  وأما الخفاف فقد اختلف أهل العلم في حكمها للنساء في الإحرام ، فكان أكثرهم يقول : لا بأس بها لهن في الإحرام ، كما لا بأس لهن بالسراويلات والعمائم في الإحرام .

                  وممن قال ذلك منهم أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد فيما حدثنا سليمان ، عن أبيه ، عن محمد ، عن أبي حنيفة ، وأبي يوسف قال محمد : وهو قولنا وذهبوا في ذلك إلى أنه لما كان لبس السراويلات مباحا لهن في الإحرام كان كذلك لبس الخفاف وقد روي في هذا المعنى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إباحته لباس الخفاف للنساء في الإحرام ، وفي كراهة عبد الله بن عمر لذلك قبل أن يبلغه إطلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه ، وفي رجوعه عما كان يرى من ذلك إلى إطلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه لهن لما بلغه ذلك ما :

                  [ ص: 43 ] 1196 - قد حدثنا محمد بن علي بن داود ، قال حدثنا خالد بن أبي يزيد ، قال حدثنا أبو شهاب الخياط ، عن محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، عن سالم ، عن ابن عمر ، عن صفية ابنة أبي عبيد ، عن عائشة ، قالت : رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخفين للنساء عند الإحرام قال سالم : وكان ابن عمر يكره الخفين للمرأة عند الإحرام حتى أخبرته صفية بهذا الحديث عن عائشة .

                  وهذا عندنا من ابن عمر على أنه كان ذهب إلى أنه أطلق للمرأة في إحرامها مواراة عورتها ، ورد ما سوى ذلك منها إلى أمور الرجال في الإحرام من ترك الناس القدمين اللتين ليستا بعورة ما يلبسان من الخفاف ، وكان على ذلك حتى بلغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ، وترك ما كان يراه قبل ذلك .

                  وقد وجدنا من المرأة ما ليس بعورة قد أطلق لها إلباسه في الإحرام ما يلبسه مثله ، من ذلك رأسها ، أبيح لها إلباسه في الإحرام ما يلبسه مثله ، وليس ذلك في حكم العورات ، لأن لها من كشفه عند أبيها ، وعند سائر ذوي أرحامها المحرمات منها سواه ، وإنما تؤمر بتغطيته عند سواهم من الأجنبيين ، وكان مطلقا لها إلباسه في الإحرام ما يلبسه مثله عند ذوي أرحامها وكانت القدمان والساقان مما أبيح لها كشفه ذلك عند أبيها ، وعند ذوي أرحامها المحرمات عليها سواه ، فلما كان القدمان والساقان مما أبيح لها كشفه عند أبيها ، وعند ذوي أرحامها المحرمات عليها سواه كما كان الرأس مباح لها كشفه عندهم ، ثبت بذلك استواء حكم القدمين والساقين وحكم الرأس ولما استوى ذلك كان مباحا لها إلباس قدميها وساقيها في إحرامها ما يلبس مثلها ، كما كان إلباس رأسها في إحرامها ما يلبسه مثله فثبت بالقياس في هذا الباب موافقة ما روي عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إطلاق لبس الخفين للمرأة في الإحرام .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية