ذكر لقطة مكة  
ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  "ولا تحل لقطتها إلا لمنشد"   .  [ ص: 405 ] 
 8677  - حدثنا موسى  ، قال : حدثنا  إسحاق بن راهويه  ، قال : أخبرنا  روح بن عبادة  ، حدثنا  زكريا بن إسحاق  ، عن  عمرو بن دينار  ، عن عكرمة  ، عن  ابن عباس  ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يعضد عضاها ولا ينفر صيدها ، ولا يختلى خلاؤها ولا تحل لقطتها إلا لمنشد   " . 
وقد (اختلفوا) أهل [العلم] في لقطة مكة  ، فجعلت طائفة حكم لقطة مكة  كحكم لقط سائر البلدان ، هذا قول  سعيد بن المسيب  ، وروينا عن  عمر بن الخطاب  ،  وابن عباس  أنهما أمرا بأن يتصدق (بلقطة) مكة  بعد أن تعرف سنة ، وروي ذلك عن  عائشة   . 
 8678  - حدثنا  علي بن عبد العزيز  ، قال : حدثنا حجاج  ، قال : حدثنا الأسود بن شيبان  ، عن أبي نوفل  ، عن أبيه ، أنه أصاب بدرة بالموسم على عهد عمر  فلم يعرفها أحد ، فأتى بها عمر  عند النفر . فقال : يا أمير المؤمنين ، هذه بدرة أصبتها ، فيها مال ، فعرفتها فلم يعرفها أحد (فأغبها) عني   . فقال عمر   : ما أنا بفاعل . فقال : يا أمير المؤمنين ، فما تأمرني بها . فقال : أمسكها حتى توافي بها الموسم قابل . قال : ففعل فعرفها فلم يعرفها أحد ، فأتى بها عمر  ، فقال : يا أمير المؤمنين ، هذه البدرة التي أصبت أتيتك بها فأمرتني أن أوافي بها الموسم فأعرفها  [ ص: 406 ] ففعلت ، فلم أجد من يعرفها فأغبها عني . فقال : ما أنا بفاعل ، ولكن إن شئت خبرتك بالمخرج منها أو سبيلها . فقال : يا أمير المؤمنين ، وما المخرج منها ؟ فقال : إن شئت تصدقت بها . فإن جاء صاحبها خيرته ، فإن اختار المال رددت عليه المال ، وكان الأجر لك ، وإن اختار الأجر كان [لك] نيتك  . 
 8679  - حدثنا موسى  ، قال : حدثنا  أبو بكر  ، قال : حدثنا  أبو بكر بن عياش  ، عن  عبد العزيز بن رفيع  ، قال : حدثني أبي قال : وجدت عشرة دنانير ، فأتيت  ابن عباس  فسألته عنها فقال : عرفها على الحجر سنة ، فإن لم تعرف فتصدق بها ، فإن جاء صاحبها فخيره الأجر ، أو الغرم   . 
 8680  - وحدثونا عن بندار  ، قال : حدثنا محمد  ، حدثنا  شعبة  ، عن يزيد الرشك  ، عن معاذة  ، عن  عائشة  ، أنها سألتها أو امرأة [أخرى] إني وجدت لقطة في الحرم ، فعرفتها ، فلم أجد من يعرفها فقالت : استمتعي بها أو تصدقي بها   . 
وهو مذهب  أحمد بن حنبل   (كذا) فرق بين لقطتها ولقطة غيرها ، وفيه قول ثان : وهو أن لقطتها لا تحل البتة ، وليس لواجدها منها شيء  [ ص: 407 ] إلا الإنشاد أبدا . هذا قول  عبد الرحمن بن مهدي  ، وأبي عبيد  ، واختلفوا في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم :  "لا تحل لقطتها إلا لمنشد"  . كان جرير  بن عبد الحميد  يقول : لا تحل لقطتها إلا لمنشد ، قال : يعني إلا من سمع ناشدا يقول قبل ذلك أو معروفا : من أصاب كذا وكذا فحينئذ يجوز للملتقط أن يرفعها إذا رآها لكي يردها على صاحبها ، ومال  إسحاق بن راهويه  إلى قول جرير  هذا . 
وفيه قول ثان : حدثنيه علي ، عن أبي عبيد  ، قال سألت ابن مهدي  ، عن قوله : لا تحل لقطتها إلا لمنشد ، قال : فقال : إنما معناه : لا تحل لقطتها كأنه يريد البتة ، فقيل له : إلا لمنشد . فقال : إلا لمنشد ، وهو يريد المعنى الأول . 
قال [ أبو عبيد   ] : ومذهب عبد الرحمن  في هذا التفسير : كالرجل يقول : والله لا فعلت كذا وكذا ، ثم يقول : إن شاء الله وهو لا يريد الرجوع عن يمينه ولكنه لقن شيئا [فلقنه] ومعناه أنه ليس على الملتقط منها شيء إلا إنشادها ، فأما الانتفاع بها فلا ، وقال غيره : لا تحل لقطتها إلا لمنشد يعني : طالبها الذي يطلبها ، وهو ربها . قال : أبو عبيد   : فهذا أحسن في المعنى ، ولكنه لا يجوز في العربية ، أن يقال للطالب منشدا ، إنما المنشد المعرف . والطالب هو الناشد ، يقال منه : نشدت الضالة أنشدها إنشادا فأنا منشد ومما يبين لك أن الناشد  [ ص: 408 ] هو الطالب حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد   . فقال :  "أيها الناشد غيرك الواجد"  . 
قال أبو عبيد   : وفي هذا قول ثالث أنه أراد إلا لمنشد إن لم ينشدها ، فلا يحل له الانتفاع بها . قال أبو عبيد   : ولو كان هكذا لما كانت مكة  مخصوصة بشيء دون البلاد ، وليس للحديث وجه إلا ما قال ابن المهدي . 
قال  أبو بكر   : وليس يخلو قوله إلا لمنشد " أن يكون أراد به المعرف أو الطالب ، فإن كان أراد المعرف فليس تحل له اللقطة أبدا وعليه أن يعرفها حتى يجد صاحبها ، أو يكون أراد به الطالب فلا تحل لغيره ، وغير جائز على أي المعنيين كان أن تباح لقطة مكة  إلا لصاحبها ، لأنها خصت من بين البلدان . والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					