الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر المكاتبة بين الرجلين يطأها أحدهما

                                                                                                                                                                              واختلفوا في المكاتبة بين الرجلين يطأها أحدهما ، فكان الشافعي يقول : إذا وطئها أحدهما فلم تحمل فعلى الواطئ لها مهر مثلها ، وليس للذي لم يطأها أخذ شيء منه ما كانت على المكاتبة ، فإن عجزت أو اختارت العجز قبل تأخذ المهر ، كان للذي لم يطأ أخذ نصف المهر من شريكه الواطئ [وإن دفعه الشريك الواطئ] إلى المكاتبة ثم عجزت أو اختارت العجز بعد دفعه إياه إليها ، لم (يرجع) الشريك على الواطئ بشيء ، لأنه قد أعطاها المهر وهي تملكه ، وسواء كان ذلك بأمر (السلطان) أو غير أمره ، ولو حبلت فاختارت العجز ، كان لسيدها الذي لم يطأ نصف المهر ونصف قيمتها على الواطئ ، ولو حبلت فاختارت المضي على الكتابة أخذت المهر من واطئها وكان لها ، فإذا أخذته ثم عجزت لم يرجع شريكه عليه بشيء من المهر ، ورجع عليه بنصف قيمتها ، وكانت أم ولد الواطئ ، وهكذا لو حبلت فاختارت المضي على الكتابة وأخذت المهر ، ثم مات السيد قبل أن تؤدي ، عتقت بموته في قول من يعتق أم الولد ، ويرجع الشريك على الميت بنصف قيمة الأمة في ماله ، لأن الكتابة بطلت . [ ص: 489 ]

                                                                                                                                                                              وقال النعمان : إذا ادعى رجل ولد مكاتبة بينه وبين آخر فهو ابنه صدقته أو كذبته ، وهو حر ثابت النسب منه ، وتأخذ العقر وتستعين به في مكاتبتها ، فإن أدت عتقت ، وكان ولاؤها بينهما [نصفين] ، فإن عجزت كانت أم ولد لأبي الولد ويضمن نصف قيمتها ، فإن جاءت بولد آخر فادعاه شريكه الآخر فهو ابنه ، وهو حر ، وعليه لها أيضا المهر ، فإن أدت الكتابة عتقت وكان ولاؤها لهما ، وإن عجزت فهي أم ولد للأول ، وهو ضامن لنصف قيمتها لشريكه ، وشريكه ضامن لقيمة ولده لشريكه الأول المدعي . وقال يعقوب ومحمد : إذا ادعى الأول الولد الأول فقد صارت أم ولد له وهي مكاتبة له ، ويغرم نصف قيمتها لشريكه وهي مكاتبة له دون شريكه ، وإن جاءت بولد بعد فادعاه شريكه لم تجز دعوته ولم يكن ابنه وغرم العقر كله للمكاتبة ، وكان الابن مكاتبا مع أمه .

                                                                                                                                                                              وكان أبو ثور يقول : إذا وطئها أحدهما فإن كان يعذر بالجهالة وصدقته المكاتبة ، كان الولد ولده وضمن لشريكه نصف قيمتها ونصف قيمة الولد ونصف العقر ، وكانت على كتابتها للذي ادعى الولد ، فإن أدت عتقت وكان ولاؤها له دون صاحبه ، فإن عجزت ردت رقيقا وكانت أم ولد له ، فإن جاءت بولد آخر فادعاه شريكه الآخر ، فإن دعوته باطلة ، وذلك أنها أمة الأول مكاتبة ، فإن أقر بوطئها وكان يعلم أن هذا لا يحل حددناه ، وكان عليه العقر ، وإن كان يعذر بالجهالة كان عليه العقر . [ ص: 490 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية