الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              إذا اختلف الصباغ ورب الثوب

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الرجل يدفع إلى الرجل الثوب ليصبغه فصبغه، فقال رب الثوب: أمرتك أن تصبغه أحمر، وقال الصباغ: أمرتني أن أصبغه بزعفران .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: القول قول رب الثوب مع يمينه. هذا على قول الشافعي ، وبه قال أبو ثور ، وأبو حنيفة، وأبو يوسف ، ومحمد .

                                                                                                                                                                              وقال مالك : القول قول الصباغ، إلا أن [يأتي] بأمر لا يستعملون مثله .

                                                                                                                                                                              وروي عن الحسن أنه قال: إذا اختلف الخياط ورب الثوب فيقول: أمرتك بقرطق، وقال الخياط: بل أمرتني بقميص، فالقول [ ص: 182 ] قول الخياط. وكذلك قال ابن أبي ليلى ، وأحمد [و] إسحاق .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الرجل يدفع الثوب إلى الخياط فيقول له: إن كان يقطع قميصا فاقطعه، فقال: هو يقطع، ثم قطعه فلم يكفه .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: لا شيء عليه. كذلك قال أبو ثور .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي: الخياط ضامن لقيمة الثوب، لأنه أمره أن يقطعه إن كان يكفيه .

                                                                                                                                                                              قالوا: ولو قال لخياط: انظر إلى هذا الثوب يكفيني قميصا؟ قال: نعم. فقال رب الثوب: اقطعه فقطعه، فإذا هو لا يكفيه فإن هذا لا يضمن، وليس بمنزلة الأول، هذا قد أمره أن يقطعه، والباب الأول قال: إن كان يكفيني فاقطعه، فحيث غره ضمن قيمة الثوب .

                                                                                                                                                                              قال أبو ثور : إن كان قد غره في الأولى فقد غره في هذه، ولا فرق بينهما .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية