الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              الوديعة يختلف فيها المستودع والمستودع

                                                                                                                                                                              أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن المودع إذا أحرز الوديعة ثم ذكر أنها ضاعت أن القول قوله .

                                                                                                                                                                              وقال أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم : القول قوله مع يمينه .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في المودع يقول للمودع : قد رددتها إليك .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : القول قول المودع مع يمينه .

                                                                                                                                                                              هذا قول سفيان الثوري ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، [ ص: 314 ] وأصحاب الرأي ، وحكي ذلك عن يحيى الأنصاري .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان : قاله مالك ، قال مالك في الرجل يستودع الرجل وديعة أو يقارضه : فإن كان إنما دفع إليه المال ببينة فإنه لا يبرأ من المال إذا قال : قد دفعته إلا أن تكون له بينة .

                                                                                                                                                                              وإن كان رب المال دفع المال بغير بينة فالقول قول المستودع والمضارب إذا قال رددته عليك . ابن القاسم عنه .

                                                                                                                                                                              وحكى ابن وهب أنه قال : إذا قال : لفلان عندي ألف درهم مستودعة ، وقد أعطيته إياها ، فذلك لا يكون عليه فيه إلا قوله .

                                                                                                                                                                              وحكي عن الأوزاعي أنه قال : إذا قال المودع للمودع : قد رددت إليك مالك ، لم يقبل إلا ببينة ، وإن كان أمينا .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : بالقول الأول أقول ، لأنهم لما قالوا : إذا قال المودع : ضاعت الوديعة أن القول قوله ، لأنه أمين ، وجب كذلك إذا قال : رددتها إليك أن يكون القول قوله إذ هو أمين ، وهذا سبيل الوكلاء والأمناء ، يكون للأيتام والأوصياء إذا ذكروا أنهم أنفقوا على من تحت أيديهم ما يجب أن ينفق من طعام وإدام وكسوة وغير ذلك ، وقبول قولهم فيما ذكروا أنهم أنفقوا عليهم من نفقة أمثالهم تجب ، وغير جائز أن يكلف أحد منهم على شيء من ذلك ببينة .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في المودع يقول : دفعت الوديعة إلى فلان بأمرك ، وينكر المودع أن يكون أمره بذلك .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : لا يلزم ذلك المودع ، وكان المودع ضامنا في قول [ ص: 315 ] مالك والشافعي والثوري وعبيد الله بن الحسن وإسحاق وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                                                              وكان ابن أبي ليلى يقول : القول قول المستودع ، ولا ضمان عليه ، وعليه اليمين ، وقال أحمد بن حنبل : هو مصدق في كلا الأمرين ، يريد قوله : رددتها إليك ، وقوله : أمرتني أن أدفعها إلى فلان .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : بالقول الأول أقول .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية