الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر المكاتب بين شريكين يقاطعه أحدهما

                                                                                                                                                                              وإذا كان المكاتب بين شريكين قد كاتباه جميعا ، فإن مالكا قال : لا يجوز لأحدهما أن يقاطعه إلا بإذن شريكه ، وذلك أن العبد وماله بينهما ، ولا يجوز لأحدهما أن يأخذ شيئا من ماله دون شريكه إلا بإذنه ، ولو قاطعه أحدهما دون صاحبه ثم حاز ذلك ثم مات المكاتب وله مال أو عجز لم يكن لمن قاطعه شيء من ماله ولم يكن [ ص: 511 ] له أن يرد ما قاطعه عليه - قال الشيخ : أحسبه سقط إلا أن يرد عليه غير أني هكذا وجدته في الكتاب - ويرجع حقه في رقبته ، ولكن من قاطع مكاتبا بإذن شريكه ثم عجز المكاتب ، فإن أحب الذي قاطعه أن يرد الذي أخذ منه من القطاعة ويكون على [نصيبه] في رقبة العبد كان ذلك له ، فإن مات المكاتب وترك مالا استوفى [الذين بقيت] لهم الكتابة (حقوقهم) من ماله ، ثم كان ما بقي من ماله بين الذي قاطعه وبين (شركائه) على قدر (حصصهم) في المكاتب ، وإن أحدهما قاطعه وتمسك صاحبه بالكتابة ثم عجز العبد ، قيل للذي قاطعه : إن شئت أن ترد على صاحبك نصف الذي أخذت ، ويكون العبد بينكما شطرين ، وإن أبيت فجميع العبد للذي تمسك بالرق خالصا . وقال مالك في المكاتب يكون بين الرجلين فيقاطعه أحدهما بإذن صاحبه ثم يقتضي الذي تمسك بالرق مثل ما قاطع عليه صاحبه أو أكثر من ذلك ، ثم يعجز المكاتب ، قال : هو بينهما نصفان ، لأنه إنما اقتضى الذي له عليه ، وإن اقتضى أقل مما أخذ الذي قاطعه ثم عجز المكاتب فأحب الذي قاطعه أن يرد على صاحبه نصف ما يفضله به ويكون العبد بينهما نصفين فذلك له ، وإن أبى فجميع العبد للذي لم يقاطعه خالصا ، وإن مات المكاتب وترك مالا استوفى الذي تمسك بالكتابة بقية كتابته ثم يكون ما بقي من المال بينهما . [ ص: 512 ]

                                                                                                                                                                              وقيل لأحمد بن حنبل : مكاتب بين شركاء قاطعه بعضهم : أيضمن لشركائه ؟ قال : لا يضمن حتى يعتق ، فإذا عتق ضمن في ماله . قلت : كأنه أعتقه تلك الساعة ؟ قال : نعم . قال إسحاق كما قال .

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن سعيد بن المسيب أنه قال في مكاتب بين ثلاثة قاطعه بعضهم وتمسك بعضهم بكتابته فلم يقاطعه ، ومات المكاتب وترك مالا كثيرا لمن تركته؟ قال : فقال سعيد بن المسيب : يستوفي الذين تمسكوا بقية كتابتهم ثم يكون ما بقي بينهم .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية