الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر إيجاب الحرية للمملوك بعد الموت بيوم أو شهر

                                                                                                                                                                              كان الشافعي يقول : إذا قال لعبده : أنت حر بعد موتي بعشر سنين فهو حر في ذلك الوقت من الثلث ، وإن كانت أمة فولدها بمنزلتها يعتقون إذا عتقت ، وهذه أقوى عتقا من المدبرة .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي : إذا قال لعبده أنت حر بعد موتي بيوم أو بشهر أو بأكثر من ذلك ، فإن هذا لا يكون مدبرا ، فإن مات المولى فإنه يعتق من ثلثه بعدما يمضي الوقت الذي سمى بعد موته ، ولا يعتق حتى يعتقه الورثة .

                                                                                                                                                                              وقال سفيان الثوري : إذا قال : فلان حر بعد موتي بشهر ، فهو من الثلث . وكذلك قال أحمد وإسحاق . وإذا قال أنت حر إن مت من مرضي هذا أو في سفري هذا أو في عامي ، هذا فليس هذا تدبير ، وإذا صح ثم مات [ ص: 567 ] من غير مرضه ذلك لم يكن حرا في قول الشافعي وأصحاب الرأي ، وإن مات من مرضه أو في سفره فهو حر من ثلث ماله في قولهم .

                                                                                                                                                                              وقال سفيان الثوري : إذا قال : إن مت من مرضي هذا ففلان حر ، فإن شاء أن يبيعه باعه ، وإن لم يبعه فمات فهو حر ، فإن صح فلا شيء .

                                                                                                                                                                              وهذا على قول الشافعي وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                                                              وقال مالك في رجل قال لجاريته : إن لم أضربك عشرة أسواط في ذنب جاءت به فأنت حرة ، وأراد بيعها وأن لا يضربها . قال : لا أراه يجوز له بيعها ولا هبتها حتى يضربها ، فإن باعها فسخ البيع وردت إليه على تلك المنزلة ، ولا يضرب له أجل بأن لم يضربها إليه عتقت ، فإن مات عتقت في ثلث ماله ، ولم يكن في رأس ماله ، فإن ماتت هي فلا عتاقة لها إنما [ماتت] وهي أمة .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وفي قول الشافعي : إذا لم يكن جعل للضرب وقتا بحيث (يمضي) ذلك الوقت فباعه ، فالبيع جائز لا يرد .

                                                                                                                                                                              وكان الليث بن سعد يقول في الرجل يحلف لعبده إن لم يضربه فهو حر فيبيعه ولم يضربه وكيف إن أعتقه المشتري فقال الليث : إذا حلف بهذا أعتق عند بيعه إياه . [ ص: 568 ]

                                                                                                                                                                              وكان مالك بن أنس يقول فيمن قال : غلامي حر إلى رأس السنة : إن مات السيد قبل ذلك كان العبد حرا عند رأس السنة من رأس [المال] .

                                                                                                                                                                              وقال الشافعي : إذا قال السيد لعبده : أنت حر إذا مضت سنة أو سنتان فجاء ذلك الوقت وهو [في] ملكه فهو حر وله أن يرجع في هذا كله بأن يخرجه من ملكه ببيع أو هبة أو غيره كما يرجع في غيره .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية