الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر العبد الآبق يسرق

                                                                                                                                                                              واختلفوا في قطع العبد الآبق يسرق ، فقالت طائفة : تقطع يده إذا سرق ما يجب في مثله القطع ، وكانت سرقته من حرز . وممن رأى أن تقطع يده : ابن عمر ، قطع يد عبد له آبق سرق . [ ص: 453 ]

                                                                                                                                                                              8703 - أخبرنا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي ، قال : أخبرنا مالك ، عن نافع ، أن عبدا لابن عمر سرق وهو آبق ، فأرسل به إلى سعيد بن العاص وهو أمير المدينة ليقطع يده ، فأبى سعيد أن يقطع يده وقال : لا تقطع يد الآبق إذا سرق . فقال له ابن عمر : في أي كتاب الله وجدت هذا ؟ فأمر به ابن عمر فقطع .

                                                                                                                                                                              وهذا قول عمر بن عبد العزيز والحسن البصري والقاسم بن محمد [ويزيد] بن عبد الملك ، وعروة بن الزبير ، ومالك ، وسفيان الثوري ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبي ثور .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان : روينا عن ابن عباس أنه قال : ليس على الآبق المملوك قطع إذا سرق ، وبه قال الليث بن سعد .

                                                                                                                                                                              8704 - حدثنا علي بن الحسن ، قال : حدثنا عبد الله ، عن سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : ليس على الآبق المملوك قطع إذا سرق . [ ص: 454 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : الآبق وغير الآبق في أحكام الله وحدوده وفرائضه واحد ، أوجب الله تعالى - على السارق القطع ، ولم يستثن في كتابه ، ولا على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم آبقا ولا غير آبق ، والكتاب على العموم ، وقطع يد السارق الذي يسرق من حرز ، مقدار ما يجب على مثله قطع اليد يجب على ظاهر الكتاب ، ولا يسقط عنه حد أوجبه ظاهر القرآن بمعصيته في الأباق .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي : عليه القطع . إلا أن النعمان ومحمدا قالا : يقطع بحضرة مولاه . وقال يعقوب : يقطع ولا ينتظر مولاه . وإذا حضر مولاه قطع في قولهم جميعا .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : ليس لانتظار مولاه معنى إذا وجب [عليه] القطع .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية