الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              مسائل :

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الوصي يكاتب عبدا ليتيم : فقالت طائفة : لا يجوز . هذا قول ابن أبي ليلى والشافعي .

                                                                                                                                                                              وقيل لأحمد (بن حنبل) : هل يكاتب الوصي ؟ قال : الوصي أب ، كل ما صنع إذا كان على الإصلاح أي : فهو جائز .

                                                                                                                                                                              وقال إسحاق : كلما كاتبه وفيه صلاح له جاز ، والعتق لا يجوز .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الأب يكاتب مماليك أولاده الأطفال : ففي قول الشافعي : لا يجوز ذلك .

                                                                                                                                                                              وفي قول أحمد وإسحاق : ذلك جائز . [ ص: 560 ]

                                                                                                                                                                              وقال النعمان في الرجل يكون له الابن الصغير يكاتب عبدا من عبيده قال : مكاتبته جائزة ، فإن أعتقه على مال لم يجز ، وإن باعه نفسه بمال لم يجز .

                                                                                                                                                                              وسئل مالك عن المكاتب يعتقه سيده عند الموت فتكون قيمة رقبته أقل من قيمة ما عليه من الكتابة ، أو تكون قيمة الكتابة أقل من قيمة رقبته ، قال مالك : ينظر في الذي هو أقل من القيمة فيجعل في ثلث الميت .

                                                                                                                                                                              وقال الشافعي : وإذا أوصى سيد المكاتب بعتقه ، عتق بالأقل من قيمته أو ما (أبقي) عليه من كتابته كأن قيمته [كانت] ألفا ، والذي بقي عليه من كتابته خمسمائة ، فأعتق بخمسمائة لأنه إذا أوصى بعتقه فقد وضع كتابته فقد عتق كأن [كان] قيمته ألفا وبقي من كتابته ألفان فيعتق بالألف ، وإذا عتق سقطت كتابته .

                                                                                                                                                                              وأجمع كل من نحفظ قوله من أهل العلم على أن سيد العبد إذا كاتبه على نجوم معلومة بمال تجوز الكتابة به ، يؤديه إلى السيد في أوقات معلومة من شهور العرب .

                                                                                                                                                                              وقال له : إذا أديت ذلك في الأوقات التي سميناها فأنت حر
                                                                                                                                                                              أن [ ص: 561 ] الحرية تجب له إذا أدى ما شرط [عليه] .

                                                                                                                                                                              واختلفوا فيه إذا كاتب على ذلك ولم يقل : فإذا أديت ذلك إلي فأنت حر ، فكان الشافعي يقول : فإن قال : قد كاتبتك على كذا ولم يقل : إذا أديته فأنت حر ، لم يعتق إن أداه .

                                                                                                                                                                              قال أصحاب الرأي : لو كاتب رجل مملوكه على شيء لا يحل ، من خمر أو خنزير أو شبه ذلك أبطلت المكاتبة ، فإن هذا المكاتب قبل أن يرتفع إلى القاضي .

                                                                                                                                                                              فإن قال له : أنت حر إذا [أديته] فإنه يعتق ، وإن لم يكن قال له ذلك فإنه يعتق [أيضا] وعليه قيمته في الوجهين جميعا .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الرجل يكاتب أمته ويستثني ما في بطنها : فقالت طائفة : له شرطه . كذلك قال النخعي . وبه قال أحمد بن حنبل وإسحاق . قال إسحاق : لما قال ابن عمر وأبو هريرة وغيرهما ذلك .

                                                                                                                                                                              [ ص: 562 ]

                                                                                                                                                                              8760 - حدثنا موسى بن هارون ، قال : حدثنا أحمد بن منيع ، قال : حدثنا عباد بن عباد ، عن عبيد الله ، عن نافع ، أن ابن عمر أعتق غلاما له وامرأته واستثنى ما في بطنها .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وهذا لا يجوز في مذهب مالك والشافعي .

                                                                                                                                                                              قال ابن القاسم : قول مالك في الرجل يعتق الأمة ويستثني ما في بطنها : أن ذلك غير جائز . وكذلك المكاتبة أيضا تثبت الكتابة ويسقط الشرط في ولدها . [ ص: 563 ]

                                                                                                                                                                              [ ص: 564 ] [ ص: 565 ] بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية