الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر المرتد يدفع أرضه وبذره مزارعة

                                                                                                                                                                              واختلفوا في المرتد يدفع أرضه وبذره إلى رجل ليزرعها على أن ما أخرج الله من شيء فبينهما، فخرج الزرع وقتل المرتد .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: هو بين ورثة المرتد وبين العامل على ما اشترطا عليه .

                                                                                                                                                                              هذا قول يعقوب ، ومحمد .

                                                                                                                                                                              وقال النعمان : جميع ما خرج من الزرع للزارع، وعليه ما نقص الأرض ومثل البذر .

                                                                                                                                                                              وقال أبو ثور : جميع ما خرج من ذلك في بيت مال المسلمين، وعلى (الأئمة) قدر كراء العامل، وليس لورثة المرتد من ذلك شيء، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم" .

                                                                                                                                                                              قال أبو ثور : وقول أبي حنيفة خطأ على قوله، وذلك أنه يبطل المزارعة، فإذا كان البذر للمرتد فلم جعل ما خرج منه للزارع وهو يقول في مثل هذا: ما خرج من شيء فلصاحب البذر [وللعامل] أجر مثله .

                                                                                                                                                                              ولو دفع مسلم أرضا إلى مرتد يزرعها بالنصف، والبذر والبقر من عند المرتد ففعل فخرج زرع كثير، وقتل المرتد على ردته ففيها قولان: [ ص: 89 ] أحدهما: أن ذلك جائز، وما أصاب المرتد فلورثته. هذا قول يعقوب ومحمد ، وقياس قول الشافعي : ما خرج من ذلك للمرتد لا يرث ورثته منه شيء، بل يوضع في بيت مال المسلمين، ويأخذ رب الأرض (مثل كراء) أرضه من مال المرتد .

                                                                                                                                                                              وإذا دخل حربي دار الإسلام بأمان فدفع إليه رجل مسلم أرضا وبذرا على أن يزرع هذه السنة، فما خرج من شيء فهو بينهما نصفان فزرع الحربي على ذلك .

                                                                                                                                                                              ففي قول الشافعي وأبي ثور : جميع ما خرج من الأرض لرب الأرض، وللحربي أجر مثله .

                                                                                                                                                                              وقال يعقوب ومحمد : جميع ما خرج بينهما نصفان .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية