الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر بيع خدمة المدبر

                                                                                                                                                                              واختلفوا في بيع خدمة المدبر : فقالت طائفة : لا يجوز بيعه ، لأنه غرر . كذلك قال مالك بن أنس قال : لا يجوز بيع خدمة المدبر ، لأنه [غرر] لا يدري كم يعيش سيده الذي دبره فذلك غرر لا يصلح وهي من المخاطرة .

                                                                                                                                                                              وقال الأوزاعي : لا ينبغي أن تباع خدمة المدبر إلا أن يعتق ثم لا يستخدم .

                                                                                                                                                                              وقال الأوزاعي : له أن يبيع خدمة المدبر والمدبرة من أنفسهما وولاؤهما للمولى .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : ولا يجوز بيع خدمة المدبر في قول الشافعي ، وكذلك قال أصحاب الرأي .

                                                                                                                                                                              وحكى ابن جريج عن عطاء أنه كره ذلك يعني : بيع خدمة المدبر إلا من نفسه .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان : وهو أن لا بأس ببيع خدمته . هذا قول سعيد بن المسيب والزهري وإبراهيم النخعي . [ ص: 578 ]

                                                                                                                                                                              ورخصت طائفة ثالثة في بيع خدمته من نفسه ، ومنعت أن تباع خدمته من غيره . هذا قول مالك بن أنس . قال مالك في المدبر إذا اشترى خدمته من سيده : إنه حر حين يشتريها .

                                                                                                                                                                              وقال الحسن البصري في الرجل يبيع خدمة المدبر من نفسه فتوفي المولى وقد بقي عليه قال : هو حر لا شيء عليه .

                                                                                                                                                                              وقال أحمد بن حنبل : لا بأس أن يشتري العبد خدمته من سيده .

                                                                                                                                                                              وقال أحمد : هو مثل المكاتب .

                                                                                                                                                                              وقال إسحاق : كما قال - يعني - بالعبد أنه قد دبره .

                                                                                                                                                                              وقال محمد بن سيرين : لا يباع المدبر ، ولكن تباع خدمته من نفسه .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وقد ذكرنا عن عطاء قوله .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : والذي به أقول ، أن بيع خدمة المدبر لا يجوز ، كما لا يجوز بيع ركوب الدواب واستعمال الأرضين ، وذلك لأن المبيع من ذلك مجهول غير معلوم ، ولا موقوف على حده ، يقل مرة ويكثر مرة ، وهو غرر لا يوقف له على وقت ولا حد ، وإذا دخل المبيع بعض ما ذكرناه بطل ، وكان داخلا في جملة بيع الغرر المنهي عنه .

                                                                                                                                                                              والله أعلم . [ ص: 579 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية