الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              الرجل تقوم عليه دابته فيتركها آيسا منها

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الرجل يدع دابته بمكان منقطع من الأرض آيسا منها فأخذها رجل وقام عليها حتى صلحت وجاء ربها .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : هي لمن أخذها وأحياها . هذا قول الليث بن سعد ، إلا أن يكون تركها ، وهو يريد أن يرجع إليها فرجع مكانه ، وهذا مذهب الحسن بن صالح في هذا . وفي النواة التي يلقيها من يأكل التمر ، فإن قال صاحبها في الدابة لم أبحها الناس ، فالقول قوله ويستحلف أنه لم يكن أباحها الناس .

                                                                                                                                                                              وقال أحمد وإسحاق في الدابة هي لمن أحياها إذا كان تركها صاحبها لمهلكة ، واحتج إسحاق بحديث مرسل رواه الشعبي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من ترك دابة بمهلكة فهي لمن أحياها" . قيل للشعبي : عمن قال : إن شئت عددت لك كذا وكذا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                              وفي الدابة قول ثان : وهي أنها لربها يأخذها ويدفع إليه ما أنفق عليها . هذا قول مالك بن أنس .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث . قال : إن كان أرسلها في أمن وكلأ وماء فصاحبها أحق بها ، هذا قول ابن وهب ، وروي ذلك عن الشعبي . [ ص: 420 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : والذي نقول به : إن ملك صاحب الدابة لا يزول عن الدابة إلا ببيع أو هبة أو غير ذلك مما يزول به الأملاك ، ولا غرم عليه إن كان الذي أخذها أنفق عليها .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الظبي يملكه الرجل ثم يفلت منه .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : هو لصائده الأول اصطاده غيره من ساعته أو بعد مدة طويلة ، هكذا قال الشافعي .

                                                                                                                                                                              وقال مالك : إن كان الثاني اصطاده بالقرب من وقت أفلت من الأول ، هو للأول ، فإن كان اصطاده بعد مدة طويلة فهو للثاني ، وإذا وجد الرجل ضالة فجاء بها إلى صاحبها أو التقط لقطة كذلك وجاء بها إلى صاحبها وطلب جعلا فلا جعل له . وهذا على مذهب الشافعي وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وسواء كان ممن يعرف بطلب الضوال ، أو لم يكن كذلك . وإذا أخذ الرجل المتاع الذي قد طرحه أصحابه في البحر طلب السلامة ، فأخذه رجل فعليه رده على أصحابه حيث نقل وحيث وجده أصحابه فلا جعل لمن أخذه . هذا مذهب الشافعي . فالحسن البصري يقول : من أخرج شيئا فهو لمن أخرجه ، وما نضب من الماء وهو على الساحل فهو لأهله . [ ص: 421 ]

                                                                                                                                                                              وقال الليث بن سعد : لا أرى لأهل الركب الذي ألقوا متاعهم شيئا ، لأنهم قد طرحوه فألقوه على وجه الإياس منه . وقال الليث : إذا طرحوا المتاع خوفا من الغرق ، وطلبا للسلامة ، وسلم بعضهم فلم يطرح متاعه . قال : أرى أن يتواسوا المتاع الذي ألقوا على قدر حصصهم .

                                                                                                                                                                              وقال مالك في السفن التي تسير في البحر فيلقي البحر متاعهم فيأخذه بعض الناس : إن أصحاب المتاع يأخذون متاعهم ولا شيء للذين أصابوه .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية