الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الرجل يكاتب عبده ثم يدبره أو يدبره ثم يكاتبه .

                                                                                                                                                                              8768 - حدثنا محمد بن علي ، قال : حدثنا سعيد ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا حجاج بن أرطاة ، قال : حدثني محمد بن قيس بن الأحنف النخعي ، عن جده أن رجلا أعتق غلاما له عن دبر ، فلما طالت حياة مولاه كاتبه من خدمته على نجوم معلومة فأدى بعضا وبقي بعض فمات مولاه فخاصمه ورثته إلى عبد الله بن مسعود فقال : أما ما أخذ صاحبكم في حياته فهو له ، وأما ما بقي فلا شيء لكم إذا مات صاحبكم .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وقد روينا عن شريح أنه قضى بمثل ذلك .

                                                                                                                                                                              8769 - حدثنا إسماعيل بن قتيبة ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن أبي حمزة السكري ، عن يزيد النحوي ، عن مجاهد ، عن أبي هريرة قال : دبرت امرأة من قريش [ ص: 583 ] خادما لها ثم أرادت أن تكاتبه فكتب الرسول إلى أبي هريرة فقال : "كاتبيه ، فإن أدى كتابته (فذلك) وإن حدث بك حدث عتق" قال : وأراه قال : "ما كان عليه له" .

                                                                                                                                                                              وقال مالك في مدبر كاتبه مولاه فأدى بعض النجوم ثم توفي سيده وعليه دين كثير : إن المدبر يأخذ أي ذلك كان أفضل له إن كان في الثلث سعة عتق من الثلث ، وسقط [عنه] ما بقي من كتابته ، وإن لم يكن للرجل مال وأحب أن يقيم على كتابته ويسعى فيها كان ذلك له . وقال الشافعي : وإذا دبره ثم كاتبه ويسعى فيها كان ذلك له . وقال الشافعي : وإذا دبره ثم كاتبه فلم يؤد حتى مات عتق من الثلث وبطلت الكتابة ، وإن لم [يحمله] الثلث عتق منه ما حمل الثلث وبطل عنه من الكتابة بقدر ما عتق منه .

                                                                                                                                                                              وقال سفيان الثوري : إذا دبر عبده ثم كاتبه ، إن أدى مكاتبته فليس [ ص: 584 ] [عليه] شيء [وهو حر ، و] إذا مات مولاه ، و [قد] بقي عليه شيء من كتابته [فهو في] الثلث ولا يأخذ ما أدى .

                                                                                                                                                                              وعرضت هذه المسألة من قول الثوري على أحمد بن حنبل فقال أحمد : إذا أدى مكاتبته فهو حر ، وإذا مات السيد وقد بقي عليه شيء من كتابته [وإن لعبده من المال] ولسيده من المال ما يخرج العبد في الثلث فهو حر كله ، وإن لم يكن له من المال شيء أدى ما بقي من الكتابة إلى ورثة السيد ثم هو حر ، وإنما يعتق في الثلث بقدر ما بقي عليه من الكتابة . قال إسحاق كما قال .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي : إذا كاتب الرجل عبدا ثم دبره فإن العبد بالخيار ، إن شاء نقض (الكتابة) وصار مدبرا ، وإن شاء ثبت على مكاتبته ، وإذا مات المولى وله مال يخرج من ثلثه أعتقه من الثلث وأبطلت المكاتبة ، فإن لم يكن له مال قال : نظرت إلى ثلثي قيمته وإلى ثلثي مكاتبته فاستسعيته في الأقل من ذلك . [ ص: 585 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية