الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر ولد المكاتب الذين (يلدون) في حال كتابته

                                                                                                                                                                              أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن ولد المكاتب من الحرة أحرار ، وأجمعوا على أن ولد المكاتب من أمة [لقوم] آخرين مملوك لسيد الأمة .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في ولد المكاتب من سريته . فقالت طائفة : ليس للمكاتب أن يتسرى بإذن سيده ولا بغير إذنه ، فإن فعل فولد له في كتابته ثم عتق لم تكن أم ولد له ، وإنما تكون أم ولد له إذا عتق فولدت له بعد العتق لستة أشهر فصاعدا ، وإذا ولد للمكاتب من جاريته لم يكن له أن يبيع ولده ، وكان له أن يبيع أمته متى شاء ، فإذا عتق عتق ولده معه . هذا كله معنى قول الشافعي .

                                                                                                                                                                              وقال النعمان وأصحابه في المكاتب (يلد) له من أمته فإنه يستعمله ويستخدمه ، وأبوه أحق بكسبه [وله ما] أصاب من مال ، [ ص: 475 ] وإذا كان عبده وأمته فكاتبهما مكاتبة واحدة ، فولدت ولدا [فأمه] أحق بكسبه وبما أصاب من مال الأب ، لأنه منها ، ولو كانت لرجل والأب لرجل آخر كانت الأم أحق بكسبه ، وماله ، وبأرش جنايته - إن جنت عليه - ويعتق بعتقها ، وإذا أعتق المولى ابن المكاتب الذي ولد في كتابته فعتقه جائز .

                                                                                                                                                                              وقال الشافعي في ولد المكاتب : إذا ولد بعد كتابته فحكمهم حكم أمهم ، لأن حكم الولد في الرق حكم أمه . وكان أبو ثور يقول : إذا ولدت أمة المكاتب فادعى ولدها ، فهو ابنه ، وهو بمنزلة الأب ، ولا يبيع المكاتب ولده إذا ولد له في مكاتبته ، وكذلك الأمة إذا ولدت في مكاتبتها ، ولا تبيع ولدها ، وذلك أن الولد ليس بملك لها .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : والذي يشبه مذهب مالك أن للمكاتب أن يتسرى ، لأنه قال : إذا ولدت أمة المكاتب بعد الكتابة فهي أم ولد ، ولا يستطيع أن يبيعها إلا أن يخاف العجز . فدل هذا من قوله على أن سراه جائز ، وأن له وطأها ، لولا ذلك ما كانت أم ولد له .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية