الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر كتابة من لا حرفة له

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في كتابة من لا حرفة له . فكرهت طائفة أن يكاتب العبد الذي لا حرفة له على مسألة الناس ، كره ذلك ابن عمر .

                                                                                                                                                                              8708 - حدثنا علي بن الحسن ، قال : حدثنا عبد الله ، عن سفيان ، عن عبد الكريم الجزري ، عن نافع قال : كان ابن عمر يكره أن يكاتب عبده إذا لم يكن له أجرته ، يقول يطعمني من أوساخ الناس .

                                                                                                                                                                              8709 - حدثنا موسى ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا ثور ، عن يونس بن سيف ، عن حزام بن حكيم قال : كتب عمر بن الخطاب إلى عمير : أما بعد ، فإنه من قبلك من المسلمين أن يكاتبوا أرقاءهم على مسألة الناس .

                                                                                                                                                                              8710 - حدثنا يحيى بن محمد ، قال : حدثنا أبو عمر الحوضي ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي جعفر ، عن أبي ليلى - رجل من كندة - عن سلمان ، قال : قال عبد له : كاتبني . قال : ألك مال ؟ قال : لا . قال : تأمرني أن آكل غسالة أيدي الناس .

                                                                                                                                                                              وروينا عن مسروق أنه قال : نقول إذا سأل العبد مولاه المكاتبة ، فإن كان له مكسبة أو مال فليكاتبه ، وإلا فليحسن ملكته .

                                                                                                                                                                              وقال ابن جريج : قلت لعطاء : أرأيت إن كنت لا أرى أن يعطيني [ ص: 466 ] إلا من مسألة الناس ، أعلي جناح أن لا أكاتبه ؟ قال : ما أرى عليك من شيء أن لا تكاتبه . وقال الأوزاعي : لا يكاتب عبده على مسائل الناس ، فإن كوتب على حرفة فتخوف عجزا فلا بأس أن يسأل . وقال أحمد : أكره أن يكاتب إذا لم يكن له حرفة . وقال إسحاق : كرهه بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                              ورخصت طائفة في أن يكاتبه وإن لم يكن له حرفة ، رخص فيه مالك والشافعي ، وقال سفيان الثوري : ولا بأس أن يكاتب الرجل عبده وإن لم يكن له مال .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : والذي ذكرناه عن مالك ذكره ابن القاسم وابن أبي أويس عنه . وحكى عنه الوليد بن مسلم أنه سئل عن كتابة الإماء فقال : أكره ذلك إلا أن تكون ذات صنعة تؤدي منها .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وفي حديث عائشة في قصة بريرة دليل على أن الكتابة غير مكروهة وإن لم يكن للمكاتب حرفة ، لأن بريرة قد كوتبت وبلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فأجاز الكتابة ، ولو كان ذلك مكروها لنهى عنه ، ولا نعلم أنها كانت محترفة بل في مجيئها إلى عائشة تستعين بها ما يدل على أنها كانت غير مشتغلة بكسب تؤدي كتابتها منه . والله أعلم .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وفي حث النبي صلى الله عليه وسلم الناس على معونة المكاتب دليل على ذلك . [ ص: 467 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية