الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر كتابة أهل الذمة وأهل الحرب من أهل الكتاب

                                                                                                                                                                              أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن النصراني إذا كاتب عبدا له نصرانيا على ما تجوز به الكتابة بين المسلمين أن ذلك جائز . [ ص: 558 ]

                                                                                                                                                                              واختلفوا في النصراني يكاتب عبدا له نصرانيا ثم يسلم العبد المكاتب : فقال ابن القاسم : بلغني عن مالك أنه قال : تباع الكتابة .

                                                                                                                                                                              وكان الشافعي يقول : إذا أسلم العبد فهو على الكتابة إلا أن يشاء أن يعجز ، فإن شاء العجز بعناه عليه ، فإن أسلم السيد والعبد نصراني بحاله فالكتابة بحالها ، وكذلك لو أسلما جميعا .

                                                                                                                                                                              قال الشافعي : ولو أن نصرانيا ابتاع عبدا مسلما أو كان له عبد نصراني ، ثم كاتبه بعد إسلام العبد على ما يحل عليه كتابة المسلمين ففيها قولان : أحدهما ، أن الكتابة باطل ، والقول الثاني : أن النصراني إذا كاتب عبده المسلم بشيء يحل فالكتابة جائزة ، فإن عجز بيع عليه ، وإن أدى عتق وكان للنصراني ولاؤه ، لأنه مالك معتق .

                                                                                                                                                                              وقال مالك في الذمي يكاتب عبده والعبد نصراني ثم أسلم المكاتب فبيعت كتابته فأدى الكتابة قال : ولاؤه لجميع المسلمين ، فإن أسلم مولاه الذي كاتبه رجع إليه ولاؤه ، لأنه عقد كتابته وهما نصرانيان .

                                                                                                                                                                              وفي قول الشافعي : تكون الكتابة على حالها ولا يجوز بيع كتابة المكاتب عنده ، وإذا أدى المكاتب فولاؤه لسيده الذي عقد كتابته غير أنه لا يرثه إن مات ، لأن الكافر لا يرث المسلم .

                                                                                                                                                                              وقال الشافعي : إذا كاتب عبدا له نصرانيا على خمر أو خنزير فجاء [ ص: 559 ] السيد أو العبد يريد إبطالها أبطلناها ، فإن أدى الخمر أو الخنزير وهما نصرانيان ثم ترافعا إلينا أو جاءنا أحدهما فقد عتق ولا يرد واحد منهما على صاحبه شيئا ، لأن ذلك مضى في النصرانية ، ولو أسلم السيد أو العبد أو أحدهما وقد بقي على العبد رطل خمر فقبض السيد ما بقي على العبد عتق العبد فيرجع السيد بجميع قيمته دينا عليه .

                                                                                                                                                                              وقال النعمان في رجل نصراني كاتب عبدا له نصرانيا على أرطال خمر قال : المكاتبة جائزة ، فإن أسلم أحدهما أبطلت الخمر ، وكان عليه قيمة الخمر والمكاتبة صحيحة ، فإن أداها عتق .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية