الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر قول الله ( وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح ) الآية .

                                                                                                                                                                              8381 - حدثنا علان بن المغيرة قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله: ( وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح ) يقول الله: اختبروا اليتامى عند الحلم ( فإن آنستم منهم رشدا ) وقال مجاهد: آنستم: أحسستم .

                                                                                                                                                                              8382 - حدثنا موسى قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا شريك، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس : ( فإن آنستم منهم رشدا ) فإن عرفتم منهم رشدا. قال: ذلك إذا أدرك اليتيم بحلم وعقل ووقار دفع إليه ماله .

                                                                                                                                                                              وقال الحسن البصري في هذه الآية: صلاحا في دينه وحفظا لماله .

                                                                                                                                                                              وقال مجاهد: لا تدفع إلى اليتيم ماله وإن [شمط] ما لم يؤنس منه رشد. وقال ابن جريج : صلاحا وعلما بما يصلحه . [ ص: 10 ]

                                                                                                                                                                              وقال الشافعي : الرشد - والله أعلم - الصلاح في الدين حتى تكون الشهادة جائزة وإصلاح المال بأن يختبر اليتيم .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : ومن حجة من يقول: بأن الرشد الصلاح في الدين وحفظ المال أنهم قد اتفقوا على أن الله عز وجل قد منع أن يدفع إلى اليتيم ماله حتى يبلغ النكاح، ويؤنس منه الرشد، وقد اتفقوا على وجوب دفع ماله إليه إذا بلغ النكاح وكان صالحا في دينه مصلحا لماله .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في وجوب دفع ماله إليه على غير ذلك فلا يجوز إطلاق المال بعد المنع الأول إلا بحجة .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وكل محظور أبيح بمعنيين لم يجز إطلاقه وإباحته [بأحد] المعنيين، من ذلك أن رجلا لو طلق امرأته ثلاثا لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره ويجامعها الزوج، ولا تحل له بعقد نكاح الزوج الثاني حتى يكون تبع النكاح الوطء. وهذا يدخل على من خالفنا في وجوب دفع المال إلى اليتيم بالبلوغ ويلزمهم أن يقولوا كقولنا إذا أعطوا في الجملة أن ما أبيح بشرطين لم تجز إباحته بوجود أحد الشرطين، والله أعلم .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية