الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر وطء الرجل مكاتبته

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الرجل يطأ مكاتبته ، فقالت طائفة : لا حد عليه . كذلك قال سفيان الثوري والشافعي ، وهو قول الحسن بن صالح ، غير أن [ ص: 485 ] الشافعي كان يقول : ويعزر ، إلا أن يكون أخذها جاهلا فيدرأ عنه التعزيز بالجهالة ، أو تكون مستكرهة ولا يكون عليها فيه تعزيز .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة : عليه الحد . هكذا قال الزهري ، والحسن البصري ، وقال الأوزاعي : يجلدان جميعا الحد ، يجلد الرجل مائة بكرا كان أو ثيبا ، وتجلد المرأة خمسين جلدة .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث : وهو أن يجلد مائة إلا سوطا ويغرم عقرها إن استكرهها ، وإن لم يكن استكرهها فلا شيء عليه ، وعقرها مهر مثلها . هذا قول قتادة ، قال قتادة : وإن طاوعته جلدت أيضا ، وإن كان استكرهها فلا جلد عليها .

                                                                                                                                                                              [وفيه قول رابع : وهو أن له أن يطأها إن شرط ذلك عليها] هكذا قال سعيد بن المسيب ، وبه قال أحمد بن حنبل ، وكان مالك يقول : إذا وطئ [الرجل] مكاتبته فلا شيء عليه في وطئه إياها ، ابن القاسم عنه . وحكى ابن وهب عنه أنه قال : تمضي على كتابتها ، فإن أكرهها عوقب في استكراهه إياها ، وحكى الوليد بن مسلم ، عن مالك ، والليث بن سعد ، والأوزاعي : أنهم كانوا يقولون : لا يصلح للرجل أن يطأ مكاتبته طائعة ولا مكرهة .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وهذا قول الحسن البصري ، والزهري ، وقتادة ، والثوري ، والشافعي . [ ص: 486 ]

                                                                                                                                                                              وقال الليث بن سعد : إن طاوعته فقد محت كتابتها ورجعت في الرق . وقال قائل : للسيد أن يطأ مكاتبته في الأوقات التي لا يشغلها بالوطء عن السعي فيما هي فيه .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية