الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر جحود المستودع الوديعة

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الرجل يودع الرجل مالا فيطلب منه المودع المال .

                                                                                                                                                                              فقال : ما أودعتني شيئا ، وأقام المودع البينة أنه أودعه مالا معلوما .

                                                                                                                                                                              ففي قول مالك والأوزاعي والشافعي وإسحاق :هو ضامن لها .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي في رجل استودع رجلا مالا ، ثم جاء يطلبه منه فجحده المستودع ، فاختصما إلى القاضي ، فأقام رب الوديعة البينة أنه استودعه ألف درهم ، وأقام المستودع البينة أنها ضاعت . قال : المستودع ضامن . قلت : فإن قال : لم يودعني شيئا ، ثم قال بعد ذلك : قد أودعني ولكنها هلكت . قال : لا يصدق على الهلاك ، وهو ضامن .

                                                                                                                                                                              قال قائل : ليس ذلك بإكذاب منه للبينة ، إذ جائز أن يكون أنسي الوديعة ، وذكر في وقت ثان ، فأقام البينة ، وهو صادق في الوقتين ، والمكذب لبينته من تشهد له البينة وتبقى شهادتهما ويدعي غير ما شهدت [ ص: 336 ] به ، والبينة في هذا الموضع إنما شهدت للمدعي بما ادعى في الوقت الثاني ، فالبينة في الوقت الثاني جائزة . قال : وهذا قول يدل عليه النظر (و) إن لم يمنع منه إجماع .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية