الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر النهي عن ربح ما لم يضمن

                                                                                                                                                                              جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه نهى عن ربح ما لم يضمن .

                                                                                                                                                                              7930 - أخبرنا محمد بن عبد الله، أخبرنا عبد الله بن نافع الصائغ، حدثنا داود بن قيس، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ربح ما لم يضمن . [ ص: 115 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وهذا إسناد يدفعه قوم، وربما قال به بعضهم: حدثنا أبو بكر بن إسماعيل قال: حدثنا حمدان بن علي الوراق قال: وسئل أحمد عن عمرو بن شعيب فقال: ربما احتججنا بحديثه وربما هجس في القلب منه شيء. وذكر الأثرم عنه نحو ذلك، قال: أنا أكتب حديثه وربما احتججنا به وربما وجس في القلب منه، ثم قال مالك يروي عن رجل عنه. قال أبو عبد الله: عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص. وكان الشافعي لا يرى القول به ودفع ناس من أهل الحديث القول بحديثه. وقال به منهم جماعة .

                                                                                                                                                                              وقد اختلف من قال بالحديث في معناه: فكان أحمد وإسحاق يقولان: لا يكون ربح ما لم يضمن إلا في الطعام يعني ما لم يقبض .

                                                                                                                                                                              وقال مالك في النهي عن ربح ما لم يضمن أراه - والله أعلم - بيع الطعام قبل أن يستوفى. واحتج بعض أصحاب الحديث لهذا التفسير بحديث .. [ ص: 116 ]

                                                                                                                                                                              7931 - حدثناه عبد الله بن محمد، حدثنا منصور بن أبي مزاحم، حدثنا أبو الأحوص، عن عبد العزيز بن رفيع، عن عطاء بن أبي رباح، عن حزام بن حكيم، عن حكيم قال: اشتريت طعاما من طعام الصدقة، فأربحت فيه قبل أن أقبضه، فأردت بيعه، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: "لا تبعه حتى تقبضه". وقال إسحاق: في كل ما يكال ويوزن .

                                                                                                                                                                              وقال سفيان الثوري : لا تبيعن رزقك من الهري حتى تقبضه فإنك إن فعلت ذلك فهو ربح ما لم يضمن، وبيع ما لم يقبض. وقال الأوزاعي : إذا ضمنه لك صاحب الهري فبع، وقال الأوزاعي : في ربح ما لم يضمن: استئجارك الغلام بأجر معلوم ثم تؤجره بأكثر منه .

                                                                                                                                                                              وذكر استئجار الدار مثله .

                                                                                                                                                                              وجعل بعض أهل العلم إجماعهم [على] إجازة المضاربة - وهو أخذ العامل ربح ما لم يضمن - علة لهذا الحديث، وقال: غير جائز أن يجمعوا على خلاف حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فإن اعتل معتل بقول عامة أهل العلم: أن بيع ما لم يقبض من الطعام - في السلم وغيره - لا يجوز حتى يقبضه فيصير في ضمانه. قيل: إنما حرم هذا من نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام قبل أن يقبض لا من جهة نهيه عن [ ص: 117 ] ربح ما لم يضمن، ولما أجمعوا على أن بيع الطعام قبل أن يقبض لا يجوز - بالربح ولا بالنقصان - علمنا أن العلة لو كانت في ربح ما لم يضمن في الطعام لجاز أن يبيعه بالخسران، فلما استويا في باب النهي في الخسران والربح علم أن إبطال ذلك إنما هو من جهة نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام قبل أن يقبض لا من جهة النهي عن ربح ما لم يضمن .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية