الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              باب جماع أبواب الأقضية في البيوع وذكر الإشهاد على البيع

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الإشهاد على البيع . فقالت طائفة : الإشهاد على البيع فرض لازم لا يجوز تركه ، لأن الله عز وجل أمر به فقال : ( وأشهدوا إذا تبايعتم ) فمن ترك الإشهاد على البيع كان آثما .

                                                                                                                                                                              8154 - حدثنا علان بن المغيرة ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : ( إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ) فأمر بالشهادة بينهم عند المكاتبة لكي لا يدخل في ذلك جحود ولا نسيان ، فمن لم يشهد على ذلك منكم فقد عصى .

                                                                                                                                                                              8155 - حدثنا محمد بن صالح ، قال : حدثنا بندار ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد أن ابن عمر كان إذا باع بنقد أشهد ولم يكتب .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر :

                                                                                                                                                                              8156 - وقد روينا عن مجاهد أنه قال : ثلاثة لا تستجاب لهم دعوة : رجل باع ولم يشهد ولم يكتب . [ ص: 344 ]

                                                                                                                                                                              وروينا نحوا من ذلك عن أبي بردة بن أبي موسى ، وأبي سليمان المرعشي .

                                                                                                                                                                              وقال عطاء في قوله : ( وأشهدوا إذا تبايعتم ) على الدرهم ، والنصف درهم .

                                                                                                                                                                              وقال النخعي : يشهد ولو على [دستجة ] من بقيل .

                                                                                                                                                                              8157 - وقد روينا عن جابر بن زيد أنه اشترى سوطا فأشهد .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة : الإشهاد ندب وليس بفرض .

                                                                                                                                                                              8158 - حدثنا زكريا ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، قال : أخبرنا محمد بن مروان العجلي ، قال : حدثنا عبد الملك بن أبي نضرة ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري في قول الله : ( وأشهدوا إذا تبايعتم ) قال : صار الأمر إلى الأمانة ( فإن أمن بعضكم بعضا ) .

                                                                                                                                                                              وروينا عن الشعبي ، والحسن البصري أنهما قالا : إن شاء أشهد وإن شاء لم يشهد . [ ص: 345 ]

                                                                                                                                                                              قال الحسن : ألم تسمع إلى قوله : ( فإن أمن بعضكم بعضا ) .

                                                                                                                                                                              وقال أيوب : هو بالخيار ، وهذا على مذهب الشافعي ، وأصحاب الرأي ، وبه قال أحمد ، وإسحاق ، وأكثر أهل العلم اليوم يقولون بهذا القول ، وقد احتج بعض أصحاب الحديث بأن البيع ينعقد وإن لم يحضره شاهد ، وأن ذلك ندب ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لو كان ذلك فرضا لأحضر حين بايع الأعرابي الفرس الذي كان معه شهودا ، فدل لما عقد البيع ولم يحضر شاهدا على أن الأمر بالإشهاد على البائع أمر ندب لا أمر فرض .

                                                                                                                                                                              8159 - حدثنا محمد بن إسماعيل ، قال : حدثني عيسى ، قال : حدثنا أبو اليمان ، قال : أخبرني شعيب ، عن الزهري ، قال : حدثني عمارة بن خزيمة بن ثابت أن [عمه ] حدثه - وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاع فرسا من أعرابي فاستتبعه النبي صلى الله عليه وسلم ليقضيه ثمن فرسه ، فأسرع النبي عليه السلام المشي وأبطأ الأعرابي ، فزيد في القوم على الفرس الذي ابتاعه النبي عليه السلام فناداه الأعرابي فقال : إن كنت مبتاعا هذا الفرس فابتعه وإلا بعته . فقال : "أوليس قد ابتعته ؟ " قال : لا والله ما بعتكه . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "بل قد ابتعته " ، وجاء خزيمة فاستمع لمراجعة النبي صلى الله عليه وسلم والأعرابي ، فطفق الأعرابي يقول : هلم شهيدا أني بعتك . فقال خزيمة : أشهد أنك قد بايعته . فأقبل النبي عليه السلام على خزيمة [ ص: 346 ] فقال : "بم تشهد ؟ " فقال : بتصديقك يا رسول الله ، فجعل النبي عليه السلام شهادة خزيمة شهادة رجلين .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية