الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر النهي عن بيع المرء ما ليس عنده مما هو في ملك غيره

                                                                                                                                                                              7841 - حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ، قال: حدثنا أبو بشر، والحسن بن علي، قالا: حدثنا أبو عاصم، قال: أخبرنا ابن جريج، عن عطاء، عن صفوان بن موهب، عن عبد الله بن محمد بن صيفي، عن حكيم بن حزام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألم أنبأ أو ألم يبلغني - أو كما شاء الله - : أنك تبيع طعاما؟ " قلت: بلى يا رسول الله، قال: "فلا تبيعن طعاما حتى تشتريه وتستوفيه" . [ ص: 51 ]

                                                                                                                                                                              قال: وأخبرني عطاء بذاك أيضا عن عبد الله بن عصمة الجشمي، عن حكيم بن حزام، (سمعته) من حكيم .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وقد اختلف في معنى حديث: نهاني النبي صلى الله عليه وسلم أن أبيع ما ليس عندي، فكان الشافعي يقول: هذا على خاص، إنما معناه عندنا - والله أعلم - أن أبيع شيئا بعينه، وليس عندي، والدليل على ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في السلف وهو بيع الطعام المضمون بصفة وإن لم يكن عندي. قال: وبيع ما ليس عندي: يحتمل معنيين: يحتمل أن بيعك لي [عبدا] ، أو دارا مغيب عني ليس عندي حين أبيعك، فلعل الدار أن تتلف أو تنقض ولا يرضاها، وهذا يشبه بيع الغرر .

                                                                                                                                                                              ويحتمل أن أقول أبيعك هذه الدار (كذا) على أن أشتريها لك، أو على أن يسلمها لك صاحبها . [ ص: 52 ]

                                                                                                                                                                              وهذا منسوخ على كل حال .

                                                                                                                                                                              وقال أحمد، وإسحاق : بيع ما ليس عندك: أن يقول لصاحبه اشتر كذا وكذا أشتريها منك. قال أحمد وإسحاق : نكرهه. وقال بعضهم: بيع ما ليس عندي: بيع ما لا تملكه يدي، كالعبد الآبق، والبعير الشارد، والدهن في اللبن [و] العصفور .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وأصح هذه التآويل أن معناه: أن أبيع ما ليس عندي مما ملكه لغيري، وهو من بيوع الغرر، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وإن ملك السلعة قد يسلمها، ولا يسلمها. ودل حديث حكيم بن حزام على ذلك، وهو مفسر، والأخبار التي رويت عن حكيم في هذا الباب عامتها مجمل، وأكثرهم [يروونه] عن يوسف بن ماهك، عن حكيم، وهو منقطع، لأن بينهما عبد الله بن عصمة، وقد أدخل بينهما [ ص: 53 ] بعضهم يعلى بن حكيم، ولما لم أعلم بينهم اختلافا أن جائزا أن أبيع جارية قلبها المشتري فغابت عن وجهي وتوارت بجدار وعقدنا البيع، ثم عادت إلي، فإذا أجاز الجميع هذا البيع، لم يجز أن يكون معنى الخبر ما قد أجمع على خلافه، ولا فرق بين أن تغيب عني بجدار أو يكون بيني وبينها وقتما أعقد البيع مسافة .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية