الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر السفاتج

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الرجل يدفع دنانير أو دراهم بأرض ويأخذها بأرض أخرى .

                                                                                                                                                                              فأباحته طائفة ولم تر به بأسا . روينا في ذلك أخبارا عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                              8230 - حدثنا إسماعيل بن قتيبة ، قال : حدثنا علي بن حكيم ، قال : حدثنا شريك ، عن محمد بن إسحاق ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن سعيد بن المسيب قال : إن عليا أعطى مالا بالمدينة وأخذه بأرض أخرى . [ ص: 416 ]

                                                                                                                                                                              8231 - وحدثنا إسماعيل ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا حفص بن غياث ، عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب ، عن حفص بن أبي المعتمر ، عن أبيه ، أن عليا ، قال : لا بأس أن يعطي المال بالمدينة ويأخذه بإفريقية .

                                                                                                                                                                              8232 - حدثنا إسماعيل ، قال : حدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا حفص ، عن حجاج ، عن عطاء ، عن ابن عباس وابن الزبير أنهما كانا لا يريان بأسا أن يؤخذ المال بأرض الحجاز ويعطى بأرض العراق ، أو يؤخذ بأرض العراق ويعطى بأرض الحجاز .

                                                                                                                                                                              8233 - حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدثنا خلاد ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، أن ابن الزبير كان يستقرض من التجار ثم يكتب لهم إلى مصعب ، فسئل ابن عباس عنه فلم ير به بأسا .

                                                                                                                                                                              8234 - حدثنا إسماعيل ، قال : حدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا حفص ، عن حجاج ، عن أبي مسكين وخارجة ، عمن حدثه عن الحسن بن علي أنه كان يأخذ المال بالحجاز ويعطيه بالعراق ، أو بالعراق ويعطيه بالحجاز . [ ص: 417 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وهذا قول ابن سيرين ، وإبراهيم النخعي ، وعبد الرحمن بن الأسود ، و[قال ] حماد بن زيد ، أقرضت أيوب بمكة دراهم عددا ، فأعطانيها بالبصرة عددا .

                                                                                                                                                                              وقال سفيان الثوري : لا بأس به إذا لم يكن ثم شرط .

                                                                                                                                                                              وقال أحمد ، وإسحاق : لا بأس به إذا كان على وجه المعروف .

                                                                                                                                                                              وكرهت طائفة ذلك : سئل الحسن عن ذلك فقال : افعل ذلك من أجل اللصوص لا خير في قرض جر منفعة .

                                                                                                                                                                              وكره ذلك ميمون بن أبي شبيب ، وكان حماد بن أبي سليمان يكرهه ، قال : لأنه يضمن الطريق ، وكره ذلك عبدة بن أبي لبابة إذا كان المقرض إنما أقرضها شفقة عليها وكراهية ضمانها .

                                                                                                                                                                              وحكى الوليد بن مسلم ، عن مالك رحمه الله أنه قال ذلك . وسئل الأوزاعي عن رجل قال لرجل : خذ دراهمي هذه فأنفقها فيما أردت ، فإذا قدمت مصر فاشتر لي بها كذا وكذا فكره ذلك ، لأنه جعله في ضمانه . [ ص: 418 ]

                                                                                                                                                                              وقال الليث بن سعد : أما الذي أسلف ببلد واشترط أن يوفى ببلد آخر فلا يجوز ، فذكره [عن ] عمر بن الخطاب ونهى عنه ، وقال في الطعام يعطيه الرجل ببلد ثم يعطيه مثله ببلد آخر : كره ذلك من قبل الكراء ، وذكر أن عمر بن الخطاب كره ذلك .

                                                                                                                                                                              وحكى ابن القاسم ، عن مالك أنه قيل له : إذا قال : أقرضك هذه الدراهم على أن تقضيني بإفريقية ، ولم يضرب له أجلا ، قال : لا يعجبني ذلك ، وإن أقرضه طعاما على أن يقضيه بإفريقية ، وضرب له أجلا على هذا ، فاسد .

                                                                                                                                                                              قال ابن القاسم : لأن الطعام له محمل ، والدنانير لا محمل لها .

                                                                                                                                                                              وكان الشافعي يقول : ولا خير في أن يعطي الرجل الرجل مائة دينار بالمدينة على أن يعطيه بمثلها بمكة إلى أجل مسمى أو غير أجل لأن هذا لا سلف ولا بيع .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : لا بأس أن يقرض الرجل الرجل دنانير في بلد ، ويأخذها منه في بلد آخر ، إذا لم يشترط نقدا غير النقد الذي أعطاه ، فإن أعطاه دنانير قطع على أن يرد عليه صحاحا ، أو أعطاه دراهم على صرف أربعة عشر بدينار ، والصرف خمسة عشر ليرتفق فيه الآخذ ، فهذا حرام ولا يجوز من جهة أنه باعه دراهم بدنانير يقبضها في وقت آخر فهذا حرام ، لأنه بيع للفضة بالذهب أحدهما حاضر والآخر غائب ، ولا يجوز أن يشترط فيما يعطيه [ . . . . . ] . [ ص: 419 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية