الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              باب ذكر اختلاف المتبايعين في الثمن

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في المتبايعين يختلفان في الثمن ، والسلعة قائمة .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : القول قول البائع أو يترادان البيع . هذا قول الشعبي ، وقال أحمد بن حنبل : القول قول البائع مع يمينه أو يترادان .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان : وهو أنهما يسألان البينة ، فأيهما أقام البينة كان له ، وإن لم يكن لهما بينة استحلفهما بالله فإن حلف أحدهما ونكل الآخر كان للذي حلف فإن حلفا جميعا أو نكلا جميعا ترادا البيع .

                                                                                                                                                                              هذا قول شريح .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث : وهو أن يقال للبائع : احلف بالله ما بعت سلعتك إلا بما قلت ، فإن حلف البائع قيل للمشتري : إما أن تأخذ السلعة بما قال البائع وإما أن تحلف ما اشتريتها إلا بما قلت ، فإن حلف برئ منها . هذا قول مالك ، وهو معنى قول الشافعي .

                                                                                                                                                                              وفيه قول رابع : وهو أن القول ما قال المشتري مع يمينه ، وذلك أنهما قد اتفقا على البيع وزال ملك البائع عن السلعة ، وملكها المشتري ، وادعى البائع فضلا في الثمن ، فالقول قول المشتري مع يمينه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال "البينة على المدعي " . فإن أقام البينة أخذ البائع الفضل الذي ادعاه ، [ ص: 349 ] وإلا فحلف المشتري وبرئ مما ادعاه البائع عليه . هذا قول أبي ثور .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وهو مدع هذا القول ، إذا اختلفا في الثمن فقال البائع : بعتك بعشرة الدنانير ، وقال المشتري : بل اشتريته بمائة درهم . حفظي عنه أنه قال : يتحالفان ويبطل البيع .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وليس في هذا الباب خبر ثابت يعتمد عليه ، ومن أعلى إسناد روي فيه وأحسنه خبر ابن مسعود : .

                                                                                                                                                                              8162 - حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ : ، قال : حدثنا سعيد بن سليمان ، قال : حدثنا هشيم ، عن ابن أبي ليلى ، عن القاسم بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن ابن مسعود أنه باع (رقيقا) من رقيق الإمارة من الأشعث بن قيس بعشرين ألفا . فقال الأشعث : أنا اشتريته بعشرة آلاف ، فقال ابن مسعود : إن شئت حدثتك حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : هات . قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إذا اختلف البيعان والبيع قائم بعينه وليس بينهما بينة ، فالقول قول البائع ، ويترادان البيع " . قال الأشعث : فأنا أرده . [ ص: 350 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : هذا إسناد يتكلم فيه ، وما علمت أحدا قال بظاهره غير الشعبي ، والذين قالوا يتحالفان ويتفاسخان غير قائلين بشيء من هذا الحديث ، لأن ظاهر هذا الحديث لو صح ، لوجب أن يقبل قول البائع إلا أن يحب المشتري أن يدع البيع . [ ص: 351 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية