الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر قوله : "لا يغلق الرهن"

                                                                                                                                                                              قال بعض أهل العلم : معنى قوله : "لا يغلق الرهن" أن يرهن الرجل الرجل الرهن بالشيء وفيه فضل عما رهن به ، فيقول الراهن للمرتهن : إن جئتك بحقك إلى أجل كذا وكذا ، وإلا فالرهن لك بما فيه . هذا قول مالك ، وبه قال الثوري ، وأحمد ، وقال الشافعي بقول معناه : أن المرتهن لا يستحقه بأن يدع الراهن قضاء حقه عند محله . وروي عن ابن عمر أنه سئل عن الراهن يرهن الرهن فيقول : إن لم أجئك به إلى كذا وكذا فهو لك ، قال : ليس ذلك له .

                                                                                                                                                                              8350 - حدثنا موسى ، قال : حدثنا أبو بكر ، حدثنا حفص ، عن موسى بن عبيدة ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر أنه سئل عن الرجل يرهن الرهن فيقول : إن لم أجئك به إلى كذا وكذا فهو لك . قال : ليس ذلك له .

                                                                                                                                                                              وكذلك قال النخعي أنه رهن على حاله ، والرهن لا يغلق ، وروي معنى هذا عن شريح ، وبه قال أصحاب الرأي .

                                                                                                                                                                              وقال الشافعي : الرهن مفسوخ ، ولا يكون مبيعا له . [ ص: 530 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : لا ينعقد البيع في هذا ، وذلك إذا قال له : إن لم تأتني بحقي إلى كذا فالرهن بيع لك ، لأن هذا من بيوع الغرر ، وفي معنى بيع الملامسة وبيع الحصاة .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الرجل يرهن عند الرجل الرهن ويجعل له البيع إذا حل الحق .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : ليس له ذلك ، ولا يجوز بيعه إلا بأن يحضر رب العبد أو يوكل معه حتى لا يكون وكيلا بالبيع لنفسه ، فإن باع لنفسه فالبيع مردود بكل حال . كذلك قال الشافعي ، وقال : يأتي الحاكم حتى يأمر من يبيع ، وكذلك قال مالك : لا يبيع ذلك وإن اشترطه إلا بأمر السلطان . وروي عن إبراهيم النخعي نحو هذا القول .

                                                                                                                                                                              وقال ابن سيرين : لا يباع الرهن إلا عند سلطان .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان : وهو أن له أن يبيع إذا كان الراهن قد جعل ذلك إليه .

                                                                                                                                                                              هذا قول ابن شبرمة . وقال الثوري : لا يعجبني أن يبيع لنفسه ، وإن باع كما أمره فبيعه جائز .

                                                                                                                                                                              وقال أحمد : بيعه جائز إذا وكله ببيعه . وكذلك قال إسحاق ، وحكي عن الليث بن سعد أنه قال : لو فعل - يعني لو باع - لم أر به بأسا ، ويأمر السلطان أن يبيعه أحب إلي . [ ص: 531 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية