الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الراهن يعتق العبد المرهون

                                                                                                                                                                              أجمع أهل العلم على أن الراهن ممنوع من بيع الرهن ، وهبته ، والصدقة به ، وإخراجه من يدي مرتهنه ، وأن يرهنه من غيره ، حتى يبرأ من حق المرتهن .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الراهن يعتق العبد المرهون . [ ص: 532 ]

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : العتق باطل ، وهو رهن بحاله . روي هذا القول عن عثمان البتي ، وبه قال أبو ثور .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان : وهو أن العتق جائز إن كان موسرا ، ويؤخذ منه قيمته ويجعل رهنا مكانه . هذا قول الشافعي ، وأحمد بن حنبل ، وأصحاب الرأي . وقال مالك : إن يكن الرجل موسرا دفع إلى الرجل حقه وجازت عتاقته ، وإن معسرا فلا عتاقة له .

                                                                                                                                                                              وقال شريك ، والحسن بن صالح : عتقه جائز ، قال شريك : يسعى العبد للمرتهن ، وقال الحسن : ليس عليه سعاية .

                                                                                                                                                                              وقد احتج بعض من يبطل العتق بأنهم لما أجمعوا على إبطال بيع الراهن الرهن وهبته وصدقته ، لأن ذلك إخراج للرهن من يدي المرتهن ، وكان عتقه إخراجا له من يدي المرتهن كان سبيله في أنه باطل كسبيل ما ذكرناه .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : هذا قول يصح في النظر .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : فإن كانت المسألة بحالها والراهن المعتق معسرا ، ففي قول أصحاب الرأي إذا كان المعتق معسرا ، وقيمة العبد خمسمائة ، والدين ألف درهم ، يسعى العبد المعتق في خمسمائة قيمته ، ويرجع العبد على الراهن بذلك ، ويرجع المرتهن على الراهن بفضل حقه . [ ص: 533 ]

                                                                                                                                                                              وفي قول مالك ، والشافعي : إذا كان الراهن معسرا كان العبد رهنا بحاله . وقال أحمد بن حنبل : إذا كان معدما فقد جاز العتق .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية