الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              مسائل :

                                                                                                                                                                              كان أبو ثور يقول : إذا باع العدل الرهن ثم وهب الثمن للمشتري لم تجز هبته إذا علم أنه عدل . وكذلك قال أبو يوسف ، وهو قول الشافعي . وكذلك نقول ، لأنه وهب ما لا يملك .

                                                                                                                                                                              وقال النعمان ، ومحمد : هبته جائزة ويضمن الثمن . أبو ثور عنهم .

                                                                                                                                                                              وقال الشافعي ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي : إن قال العدل : قبضت الثمن وهلك عندي . أنه مصدق في ذلك . وقال الشافعي وأبو ثور : هو من مال الراهن . وقال أصحاب الرأي : بل من مال المرتهن .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : يكون من مال الراهن .

                                                                                                                                                                              وإذا اجتمع الراهن والمرتهن على إخراج العدل وتسليط غيره على البيع فلهما ذلك ، وإن أخرجاه وهو غائب وأشهدا على ذلك فباع بعد ذلك وهو لا يعلم . [ ص: 547 ]

                                                                                                                                                                              ففي قول الشافعي وأبي ثور : البيع باطل . وقال أصحاب الرأي : إذا لم يعلم فباع فبيعه جائز . أبو ثور عنهم . قال أبو ثور : البيع باطل ، لأنه ليس بوكيل حيث فسخت وكالته .

                                                                                                                                                                              واختلفوا فيما يبتاع به العدل من الدنانير والدراهم والعروض .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : لا يجوز بيعه إلا بالدنانير والدراهم . كذلك قال الشافعي : وقال أبو ثور : ليس له أن يبيعه إلا بما عليه دنانير كانت أو دراهم إذا أمكنه ذلك ، وإن كان الدين [طعاما ] فليس له أن يبيعه بذهب ولا فضة إذا أصاب طعاما يشتري به الرهن ، وإن لم يجد فله أن يبيع بذهب وفضة ثم يشتري به [طعاما ] .

                                                                                                                                                                              ولا يجوز البيع - في قول الشافعي - بطعام فإن كان الرهن بطعام .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي : إذا باع العدل الرهن بدنانير أو بغيرها من العروض وألحق دراهم فله أن يصرفها بدراهم إذا كان قد سلط على بيعه . في قول أبي حنيفة ، ولا يجوز أن يبيع بعرض في قول أبي يوسف ، ومحمد ، وفي قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد : إذا باع العدل بنسيئة فالبيع جائز ، ولا يجوز ذلك في قول الشافعي ، وقال [ ص: 548 ] أبو ثور ، وأصحاب الرأي : إذا ارتد العدل ثم باع فالبيع جائز .

                                                                                                                                                                              وأجمع مالك ، والشافعي ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي أن للمسلم أن يرهن المصحف من أخيه المسلم . والله أعلم .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية