الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر اختلاف الراهن والمرتهن في المال

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الراهن والمرتهن يختلفان في مقدار الدين والرهن قائم .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : القول قول الراهن مع يمينه ، لأن الراهن قال : الرهن على ألف درهم ، وقال المرتهن : بل رهنته بألفي درهم . فممن قال : إن [ ص: 526 ] القول قول الراهن : النخعي ، وعثمان البتي ، وسفيان الثوري ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان : وهو أن القول قول المرتهن ما لم يجاوز ثمنه أو قيمة رهنه . روي هذا القول عن الحسن ، وقتادة .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث : قاله إياس بن معاوية ، قال : إن كانت له بينة أنه دفع الرهن فالقول ما قال الراهن ، وإن لم يكن له بينة بدفعه الرهن والرهن في يديه فالقول ما قال المرتهن ، لأنه لو شاء جحده بالرهن ، ومن أقر بشيء وليس عليه بينة فالقول ما قال .

                                                                                                                                                                              وفيه قول رابع قاله مالك رحمه الله قال : يحلف المرتهن حتى يحيط بالرهن ، فإن كان الرهن قدر حقه لا زيادة فيه ولا نقصان أخذه المرتهن بحقه وكان أولى بذلك بقبضه الرهن وحيازته إياه إلا أن يشاء رب الرهن أن يعطيه حقه الذي حلف عليه ويأخذ رهنه .

                                                                                                                                                                              قال مالك رحمه الله : وإن كان الرهن أقل من الذي سمى أحلف المرتهن على الذي سمى ، ثم قيل للراهن : إما أن تعطيه الذي حلف عليه ، وإما أن تحلف على الذي قلت ، ويبطل عنك ما زاد على الرهن مما حلف عليه صاحبه ، فإن لم يحلف لزمه ما حلف عليه صاحبه . [ ص: 527 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : القول قول الراهن مع يمينه ، لأن المرتهن مدعي للفضل الذي يدعيه ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "البينة على المدعي ، واليمين على المدعى عليه " . والله الموفق .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية